Site icon IMLebanon

حاروف وصربا تودّعان شهداءهما.. وسؤال عن مُسبّب الانفجار‬

كتب رمال جوني في صحيفة “نداء الوطن”:

لن يجفّ حزني ما لم أنتقم ممّن قتلك يا علي”، هي كلمات شقيق الشهيد علي أيوب الذي شُيّع بالأمس في بلدته حاروف. كان واضحاً حجم الغضب عليه، لا يُحسد على شعوره، تماماً كما كلّ قلوب أهالي الشهداء والمفقودين، لم يتوقّعوا جميعاً أن يُقتل أبناؤهم بجرعة فساد زائدة لحكّام أمعنوا في قتل الناس منذ زمن طويل، فانفجر بقنبلة نيترات فاسدة. بكى حسين كما كلّ أهله، ولكن من يُطفئ جمرة غضبهم أو، كما قال حسين، “من يُعوض عليّ علي وزوجته”؟ المهندس الشاطر، كما وصفه، الذي كان يستعدّ للهجرة الى الكويت هرباً من اهتراء واقع البلد الإقتصادي. كان حجم الغضب في كلمات حسين تماماً كما حجم الحزن، “خيّي راح، مين بيعوّض عليّ، اللي قاعدين على الكراسي، او اللي تاركين النيترات تقتلنا”؟ تحدّث حسين بلسان كل الناس، وهو الذي يستعدّ لتشييع زوجة أخيه، كانت برفقته حين وقع الإنفجار، كانا يتناولان آخر غداء، “أبيا إلا أن يرحلا معاً”، يُردّد حسين المفجوع، مثله مثل شقيقته التي تسأل “رح تاخدو حق خيي، رح تحاسبو اللي قتلن”؟

بالأمس، ودّعت بلدة حاروف إبنها المهندس علي عبدو أيوب، وتستعدّ لتشييع الشهيد علي إسماعيل. قدّمت البلدة ثلاثة شهداء على مذبح الفساد، مثلها مثل صربا التي ودّعت ابنتها نيكول الحلو التي كانت تنتظر أن تزفّها عروساً، واذ بها زفّتها عروساً للسماء. وحده الحزن سيطر على البلدة، دموع الوالدة المفجوعة لا تكفي، تريد الأمّ أكثر، هناك من سرق ابنتها، خطفها في عزّ شبابها. ترفض الأم الكلام، لا شيء يعوّضها ابنتها سوى الإقتصاص مِمّن قتلها. لعلّ كلمة خالتها “راحت بأوّل عمرها” تكفي لتكشف حجم الغضب الذي يُسيطر على أهالي الشهداء كما المواطنين، يروون انهم كانوا “يعيشون في بلد تسوده شريعة الغاب”. “بخمس دقايق راحت نيكول”، هذا ما يُردّده عمّها المهندس ريمون الحلو، يتحدث عن نيكول “الشاطرة”، عن”الموظفة الكفوءة التي تعمل في مجال إدارة الأعمال في بنك سوسيتيه جنرال”، بحرقة يقول: “إبنة الـ25 عاماً نيكول الجميلة، كان يُفترض أن نزفّها عروساً، وليس أن تقتلها طبقة فاسدة”. كل دول العالم تعمل على تأمين الحماية لأبنائها إلّا في لبنان، البلد “سايب”، يقول الحلو، ويُحمّل جميع المسؤولين في البلد، من رئيس الجمهورية الى رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء وكلّ النواب “الذين أعطيناهم ثقتنا وانتخبناهم مؤتَمنين على الشعب وعلى حياتنا، هؤلاء هم المسؤولون عمّا حصل”، يسأل: “أين ضميرهم وقد تُركت هذه المواد المُدمّرة منذ الـ 2014 في ذاك العنبر في المرفأ؟ أين الضمير وأين المحاسبة؟ ولماذا هذا الإهمال؟ اليوم ندفنها تحت التراب بدل أن نزفّها عروساً جميلة، ولكن يا عيب الشوم، هناك قرارات قضائية بنقل هذه المواد ولم تُنفّذ وأُهمِلت، ولكن اليوم يتحمّل مسؤولية ما حصل كل الرؤساء في الدولة وكلّ المسؤولين في المرفأ”.