بينما كانت الدول المانحة تعلن تباعاً حجم مساعداتها الإغاثية للشعب اللبناني، كان “مشط” حسان دياب الحكومي تتساقط أسنانه توالياً في بيروت على وقع استقالات وزارية أِشبه بالانشقاقات التي تحصل في الأنظمة البائدة، حتى كاد الوزراء المنشقون يخرجون بتسجيلات مصوّرة يستعيدون فيها مشهدية: “أنا فلان الفلاني أعلن استقالتي وهذه هويتي”… ففي محصلة المشهد المتفجر في الشارع تحت وطأة تعاظم النقمة الشعبية على سلطة “الكيماوي”، تمدد عصف “نيترات الأمونيوم” ليصيب منظومة 8 آذار الحاكمة و”يخلخل” قوائمها الرئاسية والتنفيذية والتشريعية، مودياً حتى الساعة بحكومة حسان دياب التي “تلفظ أنفاسها الأخيرة وباتت مراسم دفنها مسألة وقت لا أكثر” بحسب تعبير مصادر نيابية معارضة لـ”نداء الوطن”، ليتركز التصويب تالياً على ساحة النجمة حيث يترنح المجلس النيابي تحت وطأة الاستقالات التي تكرّ سبحتها على ضفة النواب المعارضين دون أن تبلغ بعد مستوى الكتل النيابية الوازنة، مؤكدةً أنّ “النقاش السياسي الجدي أصبح يتعامل مع المستجدات على أساس أنّ حكومة دياب أضحت “وراءنا” والمجلس “أمامنا” فماذا نحن فاعلون؟ وما هي أفضل الخيارات النيابية المتاحة؟”.
وإذ برزت أمس حركة المشاورات المكوكية على خط معراب – بيت الوسط لبلورة تصور مشترك إزاء تحديات المرحلة، توضح المصادر أنّ “السؤال الكبير” الذي يدور النقاش حوله راهناً هو: “ما هي الخطوة المقبلة؟، فإذا كانت التطورات وضعت حكومة دياب “في خبر كان”، لا بد بالتالي من تحديد الإجابة على هذا السؤال “قبل المضي قدماً في أي اتجاه”، وأضافت: “يُستحسن أن تمعن كتل المعارضة جيداً في درس المشهد من زاويتين، الأولى تتعلق بما ستقدم عليه من خيارات والثانية تتصل بما سيقدم عليه خصمها في المقابل”، لافتةً إلى أنه “بمعزل عن كون رئاسة الجمهورية باتت محسوبة بالكامل على أجندة قوى 8 آذار، وبعدما فرطت حكومة هذه القوى، يبقى مجلس النواب هو ساحة الكباش الوحيدة لقوى المعارضة داخل المؤسسات الدستورية، فإذا كانت خطوة إفقاد المجلس نصاب الثلث زائداً واحداً ستضمن فرض إجراء انتخابات نيابية مبكرة، وإذا تم التوافق على أساس أي قانون ستتم هذه الانتخابات، فلتكن الاستقالة والانتخابات المبكّرة، أما إذا تبيّن أنّ الاستقالة ستحقق فقط خدمة لقوى الثامن من آذار لإحكام سطوتها على المقاعد الشاغرة وتعزيز أكثريتها النيابية فالحسابات حينها ستصبح مختلفة، خصوصاً وأنّ هذه القوى لا تزال ترفض حتى الساعة سماع صوت الشارع ونداءات الناس، فلا هي تريد تشكيل حكومة حيادية تحاكي تطلعات اللبنانيين ولا هي تعتزم تقصير ولاية مجلس نيابي تمتلك فيه الأكثرية”. وختمت: “في جميع الأحوال النقاشات لا تزال مستمرة للتوصل إلى أفضل الخيارات والخطوات، والساعات المقبلة كفيلة ببلورة التوجهات”.