“كنت صريحا مع القادة اللبنانيين، وأنتظر منهم أجوبة شفافة عن أسئلتي التي تناولت ميادين عدة. سأعود إلى لبنان في الأول من أيلول المقبل، وأنا على علم ان بالإمكان القيام بهذه القفزة الكبيرة. يجب إعادة بناء نظام سياسي جديد في لبنان”.
بهذه الكلمات، إختصر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون زيارته الخاطفة الى بيروت إثر الانفجار الكبير الذي ضرب المرفأ وخلّف اضراراً جسيمة بالارواح والممتلكات.
وإستكمل مبادرته تجاه لبنان بإستضافته مؤتمر دعم دولي حصد أكثر من 250 مليون دولار للشعب المتضرر والمناطق المنكوبة فقط، وذلك عبر مؤسسات دولية ومنظمات غير حكومية في إشارة واضحة الى فقدان الثقة بشكل كامل بالسلطة السياسية الحاكمة.
التحرّك الفرنسي السريع تجاه كارثة بيروت يعكس تحولا خارجيا دوليا واقليميا وفق ما قالت مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، لان الزيارة برأيها تمت باسم المجتمع الدولي والعرب الحريصين على مساعدة لبنان وعدم تركه في الظروف الصعبة التي يمرّ بها.
واكدت “ان زيارة الرئيس ماكرون وإصراره على جمع القادة السياسيين ورؤساء الكتل النيابية في قصر الصنوبر تحديداً، حملت اشارات دولية واقليمية بوجود مرحلة جديدة في لبنان تكون فرنسا عرّابتها، بإعتبارها صاحبة تأثير كبير في السياسة اللبنانية وقادرة على جمع مختلف القوى السياسية على عكس دول اخرى”.
لذلك، بعد ان ابلغ ماكرون المسؤولين والسياسيين الرسالة الدولية الاقليمية بوجوب تنفيذ الاصلاحات المطلوبة وهي باتت الف باء المواقف الدولية تجاه لبنان وأحد شروط فتح “حنفية” المساعدات المالية، يعمل بالتعاون مع شركائه الدوليين على وضع اسس لتطوير وتعديل النظام بعدما تبين انه معطّل بفضل تموضع القوى السياسية التي دعاها للتعاون والتضامن والابتعاد عن المشاريع الخارجية ومصادرة البعض قرار السلطة بسبب فائض القوة ومشروع المقاومة والممانعة.
من هنا، اشارت المصادر السياسية المعارضة الى “ان وحتى اول ايلول المقبل موعد عودة الرئيس ماكرون الى بيروت للمشاركة في احتفال مئوية لبنان الكبير، فإن المشهد السياسي مقبل على تطورات كبيرة رسم زلزال 4 اب معالمها، وستكون للاليزيه اليد الطولى في إخراجها إنطلاقاً من لقاءات ماكرون مع القادة السياسيين في قصر الصنوبر ومشاوراته مع رؤساء دول شاركوا في مؤتمر الدعم امس ابرزهم الرئيس الاميركي دونالد ترامب الذي اتّصل به فور مغادرته بيروت الخميس الفائت”.
وشددت المصادر على “ان ما قبل زلزال المرفأ لن يكون كما بعده، وهناك خريطة طريق سياسية بدأت معالمها تُرسم دولياً وإقليمياً، وسيكون للثوّار دور كبير فيها، لأن الشارع المُنتفض على الطبقة السياسية “الفاسدة” منذ 17 تشرين الاول الماضي لا يمكن للمجتمع الدولي ان يتخطّاه وهو الذي يدعو السلطة الحاكمة في لبنان الى ضرورة الاستماع الى مطالب الشعب”.
ولفتت المصادر الى “ان الاول من ايلول لناظره قريب، وماكرون سيعود الى بيروت لمعرفة ما تحقق من رسالته للمسؤولين اللبنانيين وتحديد مسار المرحلة المقبلة في ضوء المعطيات الجديدة لدى السلطة والثوّار”.