كتب طوني أبي نجم في “نداء الوطن”:
يمكن القول بضمير مرتاح إن عهد الرئيس ميشال عون هو أسوأ عهد في تاريخ الجمهورية اللبنانية منذ الاستقلال وحتى اليوم. وتمكن عهد عون من جمع كل الكوارث المالية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية كما تم تدمير بيروت بفعل إنفجار مرفأ العاصمة، وما زاد في الطين بلّة أن عهد عون شكّل عهداً لـ”حزب الله” من دون أي شك، ما ألغى السيادة اللبنانية بالكامل واحتجز لبنان أسيراً في محور الممانعة الإيراني.
لكن الثابت أن ما بعد 4 آب 2020 من المستحيل أن يكون كما قبله، وتحديداً لناحية الإرادة الشعبية العارمة بتحقيق التغيير المنشود. لن يستطيع الرئيس حسان دياب وحكومته الهجينة الوقوف بوجه الإرادة الشعبية الجارفة، كما لن يرحم التغيير الذي يريده اللبنانيون الرئيس ميشال عون الذي باتت استقالته مطلباً شعبياً كبيراً.
ولكن الأساس يبقى في القدرة على تحرير لبنان من هيمنة “حزب الله” والتحرّر من سطوة سلاحه ليتمكن اللبنانيون من إنجاز التغيير المطلوب. في 26 نيسان 2005 انسحب جيش الاحتلال السوري وأجهزة استخباراته لكن التغيير لم يتحقق بسبب استمرار “حزب الله” بسلاحه وجهازه الأمني. والمطلوب اليوم العودة إلى الأساس وتطبيق القرارات الدولية، وفي طليعتها القراران 1559 و1701، لتحرير الدولة وأجهزتها من هيمنة الحزب ونفوذه غير السياسي، ومن دون ذلك نكون أمام تغيير مستحيل.
لم يعد الموضوع يتعلق لا بمقاومة ولا بغيرها من الشعارات التي سقطت في المعارك الإيرانية من سوريا إلى اليمن بوجه شعوب هذه الدول، في مقابل مهادنة إسرائيل على تخوم مزارع شبعا والجولان المحتلين، تماماً كما في الاستسلام للمطالب الإسرائيلية – الأميركية في ملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً حيث أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري اقتراب هذه المفاوضات من خواتيمها عشية وصول مساعد وزير الخارجية الأميركية السفير دايفيد هيل إلى بيروت.
الموضوع بات مرتبطاً بمعادلة حاجة “حزب الله” إلى تغطية سياسية لاستمرار سلاحه وهيمنته على القرارات الاستراتيجية للبنان وقتاله في الخارج وقرار انخراط لبنان في المواجهة الإقليمية إلى جانب إيران، في مقابل إغداق الحزب على حلفائه في الداخل كل المغانم الممكنة في السلطة وحماية فسادهم.
هذه المعادلة الجهنمية مهددة بالسقوط المريع بعد مجزرة مرفأ بيروت، لأن اللبنانيين سئموا أن يسقطوا في غرف نومهم وعلى شرفات منازلهم أو في مكاتبهم ولم يعد أمامهم ما يخسرونه، وهم مرغمون على خوض المواجهة الكبرى، وخصوصاً أن ثمة زخماً دولياً قد يكون مساعداً ظهر في زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت وإعلان نيته العودة في الأول من أيلول، وانعقاد مؤتمر الدعم الدولي للبنان بسرعة قياسية في باريس، كما في الضغط الأميركي الهائل على إيران و”حزب الله”، وفي إعلان المجتمع الدولي برمته أن زمن الفساد اللبناني يجب أن ينتهي.
مهما حاولت المنظومة الحاكمة والمتحكمة أن تفرض سطوتها في مواجهة الشعب اللبناني، ومهما حاولوا استعمال الأجهزة الأمنية لقمع الشعب، فإن التاريخ يشهد أن إرادة الشعب تبقى أقوى، وهذا الشعب سيجرف جميع المسؤولين المتعنتين والمتمسكين بكراسيهم من دون استثناء، ليرسم اللبنانيون بعدها فجر لبنان الجديد!