لم يكن توقيت انفجار مرفأ بيروت ملائماً على الاطلاق إن لجهة استعداد القطاع الاستشفائي لتحمّل تداعياته، أو لناحية الوضع الصحي العام حيث كانت الجولة الثانية في المعركة ضدّ “كورونا” حديثة الانطلاق وتسجّل النقاط لصالح الفيروس هذه المرّة بعد أن هزمه المجتمع اللبناني في الجولة الأولى.
وأوضح نقيب الأطباء شرف أبو شرف لـ “المركزية” أن “حجم الكارثة التي ألمّت بنا كان كبيرا لدرجة أنه احتل أولوية الاهتمامات وفاقم أزمة “كورونا” وكانت الناس تفكّر كيف تنقذ نفسها قبل التفكير بوضع الكمامة وسط الخيار بين الحياة والموت. وكانت لي جولة على المستشفيات ليلة الحادثة وفي اليوم الذي تلاها ولفتني التزام عدد كبير من الموجودين بارتداء الكمامات ليس فقط بسبب “كورونا” بل أيضاً في ظلّ التخوف من إمكانية انبعاث غازات سامة، وهذه المرحلة تخطيناها لكن هناك أخرى متمثّلة بالتجمعات مع عدم التزام قسم من الناس بتفاديها وهذا أمر سلبي لأنه يؤدي إلى زيادة أعداد الإصابات، بالتوازي حوالي 20% من المواطنين مستهترون كلياً بالإجراءات الوقائية وهذه النسبة قادرة على إعادتنا إلى المربع الأوّل مع غياب إمكانية الحصول على لقاح قبل سنة”، مؤكداً أن “حتى لو بات هناك لقاح مثلما يتم التداول اليوم بعد إعلان روسيا عنه، لن يصل إلى لبنان سريعاً لأن العديد من الدول حجزت أعداداً كبيرة مسبقاً، ولا إمكانية مادية أو طبية لاستيعاب تفاقم سريع في الإصابات من هنا ضرورة الوعي المجتمعي لدقة الموضوع”.
أما عن تضاعف عدد الوفيات، فاعتبر أبو شرف أنه “يفسّر بارتفع الإصابات، وعلى رغم ذلك لا يزال متدنيا نسبياً حيث لم تتجاوز 1,6% مقارنةً مع الأعداد التي شهدتها دول أخرى إذ تراوحت النسبة ما بين الثلاثة والخمسة في المئة”.
ولفت إلى أن “التطورات التي نشهدها منذ الأسبوع الفائت ستزيد الأعداد بطبيعة الحال، إلا أن أكثرية الإصابات تعاني عوارض طفيفة أو تكون غير موجودة أساساً ونسبة الحالات الخطرة التي تتطلب عناية فائقة لا تزال 1,5% هذا العدد إن كان قليلاً لا يمنع التنبه إلى خطورة المرحلة. وضع لبنان راهناً ليس خطيراً لكن استمرار ارتفاع الإصابات على هذه الوتيرة يدعو للقلق”.
وتابع “لا تزال هناك اسرّة فارغة في العناية الفائقة، وعدد من المستشفيات كان يستقبل حالات كورونا لم يعد صالحا بعد الإنفجار، ووزّع مرضاه على مستشفيات أخرى إلى جانب الجرحى فامتلأت بدورها ولذلك وصل مستشفى الحريري تقريباً إلى قدرته الاستعابية، من هنا ضرورة تعاون المواطنين عبر التقيد بالإرشادات الوقائية لأن عكس ذلك يضعنا في وضع سيئ لا سيما وأننا اقتربنا من الخط الأحمر وقد نصل إليه خلال أسابيع قليلة في حال عدم الوقاية”.
وعما إذا كان يجب أن يكون البلد مقفلاً لولا وقوع الإنفجار وما فرضه من مستجدات، أجاب أبو شرف “لكنا ملزمين على اتخاذ احتياطات أكثر لا سيما في الأماكن العامة”.
وفي ما خصّ المساعدات الخارجية، اشار إلى أن “أكثرها له علاقة بالحادثة وطالبنا بإرسال فحوص PCR ومواد تعقيم ومعدات وقائية واعتقد أنها تصل إلى وزارة الصحة على أمل أن توزّع في المكان المناسب”.