Site icon IMLebanon

هل تكفي استقالة المجلس النيابي وإجراء انتخابات مبكرة؟

كتب مازن خطاب في “اللواء”:

يمضي اللبنانيّون الى المطالبة باستقالة جماعيّة لأعضاء المجلس النيابي وإجراء انتخابات نيابيّة مبكّرة، وذلك في مواقف رافضة لكل السلطة القائمة والتي يحمّلونها مسؤولية الانفجار الكارثي الذي ضرب مرفأ العاصمة وحوّل بيروت الي مدينةً منكوبةً بشراً وحجراً، وأودى بحياة مئات الضحايا وأسقط الاف الجرحى وشرّد مئات الوف اللبنانيّين، إضافة إلى عشرات المفقودين تحت الأنقاض.

وكان قد أعلن عدد من النواب استقالاتهم من المجلس النيابي اعتراضاً على الواقع المتردّي للبلاد بسبب ممارسات الطّغمة الحاكمة، وتماهياً مع حالة الغليان في الشارع ضدّها، داعين زملاءهم الى الاستقالة الجماعيّة. ولكن يبدو أنّ قرار «تعطيل» مجلس النواب عبر استقالات من جانب الكتل الكبرى المُعارضة للعهد وحلفائه لم ينضج بعد لأنّ هذه الكتل تعتبر أن خطوة الاستقالات ستترك الساحة النيابيّة «للمحور المُعادي» وتؤدّي الى تثبيت سطوته على المؤسسة الدستوريّة الأمّ وكل ما يصدر عنها. مع ذلك بإمكان النوّاب المستعدّين للاستقالة ان يدفعوا من داخل المجلس الحالي الى إقرار قانون تُختصر بموجبه مدّة ولايته تمهيداً للذهاب الى انتخابات مبكرة، علماَ أن كتلة نوّاب الكتائب حاولت ولم تتمكن من تأمين عشرة تواقيع للمطالبة بهذا الشأن. كذلك قدّم عدد من الوزراء استقالاتهم من الحكومة وعقِب ذلك قرار باستقالة الحكومة بعد جلسة مجلس الوزراء بالأمس، وقبل الجلسة النيابيّة التي كانت مُقرّرة لمساءلة الحكومة يوم الخميس.

اليوم ثمّة كلام عن تشكيل حكومة وحدة وطنيّة تجتمع فيها كل القوى السياسيّة، تشرع في القيام بالإصلاحات المالية والاقتصادية المطلوبة، وتبحث في ملف الحدود اللبنانيّة، ومسألة الانتخابات النيابيّة وغيرها من المسائل السياسيّة التي تُعنى بتغيير الواقع السياسي اللبناني.

ويبقى السؤال الأساس: وفق أي قانون انتخابي ستجري الانتخابات القادمة مع وجود أحزاب طائفية ستسعى الى العودة الى الحُكم، وغياب ثقة المواطنين برقابة حكوميّة قوامها هذه الأحزاب؟ وكيف يثق اللبنانيّون بهذه القوى الطائفيّة التي ساهمت بإيصال البلاد الى الهاوية لإيجاد الحلول ان كان ذلك عبر الحكومة المستقيلة او أي حكومة جديدة؟

إن تغيير الواقع السياسيّ اللبناني ينطلق من تغيير الواقع النيابي الذي يجب أن يستند حُكماً الى أحكام الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، ووفق خطّة مرحليّة واضحة المعالم، قوامها الرئيسي اجتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية السياسيّة. ونقطة البداية تكون مع إقرار قانون انتخاب للبرلمان من مجلسين على أساس النسبيّة الكاملة، يتم على أساسه انتخاب أعضاء مجلس النواب من خارج القيد الطائفي ويستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية. وحتّى تجني الانتخابات ثمارها المرجوّة، يجب إقرار قانون ينظّم ويرعى قيام أحزاب جديدة وفق برامج سياسية وعلى أسس وطنيّة لا طائفية ولا مناطقيّة. كما يجب دراسة جميع الثغرات الدستورية التي كشفتها الأزمات السياسية المتابعة، وتعديل الدستور لتضمين الحلول العملية وتفادي مثل هذه المآزق في المستقبل.

في الخلاصة، ليست المسألة في استقالة وزير او نائب أو رئيس او انفراط مجلس الوزراء او البرلمان بقدر ما هي مسألة نظام سياسي مرتهن ومهترئ ونهج فاشل في إدارة شؤون البلاد، والتغيير الجذري في النظام السياسيّ مطلوبٌ عاجلاً لا آجلاً.