كتبت راجانا حمية في صحيفة “الأخبار”:
على طريقة سلّة الدعم التي تطال المواد الاستهلاكية الأساسية، تعمل نقابة مستوردي السيارات المستعملة، على خطّ موازٍ، على اقتراح «سلة دعم ميكانيكية» تشمل المواد الأولية الأساسية التي يحتاج لها أصحاب السيارات. وبعد جولة من النقاشات، ارتأت النقابة حصر تلك المواد بأربعٍ أساسية: زيوت محركات السيارات والبطاريات والدواليب و«كولييه الفرام»، باعتبارها من الأساسيات التي توازي، في رأي النقابة، «لقمة الأكل أو الشربة عند الصبح»، على ما يقول النقيب إيلي قزي.
انطلقت النقابة في «مشروعها» من الهاجس الذي يعيشه أصحاب السيارات المستعملة في يومياتهم. من «غيار الزيت» إلى تغيير الدواليب، فقد بات التفكير بتلك المستلزمات يعني حكماً «نصف معاش»، بحسب قزي، انطلاقاً من أنّ ما كان يساوي عشرة دولارات صار اليوم يساوي تسعين ألف ليرة، وما كان بمئة دولار صار اليوم بتسعمئة ألف ليرة. هكذا، مثلاً، بات «سعر دولاب سيارة واحد يساوي الحدّ الأدنى للأجور إن لم يكن أكثر». لكل هذه الأسباب، كانت فكرة الدعم التي باشرت النقابة طرحها على «المرجعيات الأساسية»، على ما يقول قزي، من رئاسة مجلس النواب إلى الوزارات المعنيّة وفي مقدمها وزارة الاقتصاد، إلى حاكمية مصرف لبنان. وفي حال جرى التوافق على السلة، من المفترض أن تطبّق في شأنها الآلية نفسها المتّبعة بالنسبة إلى السلة الغذائية المدعومة على أساس سعر صرف بـ3900 ليرة. أما لماذا لم يشمل المشروع مواد أولية أكثر؟ يجيب قزي بعبارة مقتضبة «إذا أردت أن تطاع فاطلب المستطاع».
مع ذلك، لم تمرّ «فكرة» النقابة بلا نقد. نقيب أصحاب معارض السيارات المستعملة وليد فرنسيس اعتبر أن الخطوة أقلّ مما هو منتظر، و«كان الأولى التوجه نحو دعم القطاع من خلال المطالبة بتسهيل التحويلات إلى الخارج عبر استحداث آلية جديدة» لأن «الأولوية هي لاستعادة القطاع عافيته». ينطلق فرنسيس من فكرة أن «سلة الدعم الحالية قرّبت توقّف لعدم كفاية احتياطيات العملات الأجنبية». وثمة جانب آخر لاعتبار الخطوة «في غير مكانها»، وهو أن قطاع السيارات المستعملة اليوم «في حالة موتٍ سريري». فمنذ بداية الأزمة، سجل استيراد السيارات المستعملة تراجعاً بنسبة 80%، يقابله 85% تراجعاً في «سجلّ المبيعات» أيضاً. وهذه ليست حالة عابرة، بل «واقع قد يطول لسنوات». وقد انعكس هذا الأمر كارثة على معارض السيارات التي أقفل 70% منها بعدما انتهى من تصريف السيارات الموجودة لديه وعجزه في المقابل عن الاستيراد بسبب احتجاز الأموال في المصارف وصعوبة فتح الاعتمادات. أمّا من بقي صامداً «فهو من يملك بعض السيارات ومن يحاول تشغيل نفسه من خلال شراء السيارات داخلياً من المعارض اللي عم تسكر ومن الناس اللي عم تبيع»، يقول فرنسيس. لكنها، مسيرة «تنتهي بعد شهرين في حدٍّ أقصى».
السلّة المُقترحة تشمل زيوت المحركات والبطاريات والدواليب و«كولييه الفرام»
اليوم، بات القطاع على حافة الانهيار. وتدعو النقابات المعنية بالقطاع إلى اتّباع مصرف لبنان آلية أخرى في ما يخصّ فتح الاعتمادات. ففي ما يخصّ فتح اعتماد استيراد سيارات مستعملة، وضع النقابيون في عهدة الحكومة منذ أشهر خطة تقضي بتسهيل دخول السيارات التي تدرّ مالاً على خزينة الدولة من خلال الرسوم، على أن يكون فتح الاعتماد مقروناً بـ«إثباتات بوالص شحن من بلد الاستيراد، مع إخبار إلى الجمارك بأن الشحنة التي تصل يُمنع تصديرها إلى الخارج لضبط التهريب»، بحسب فرنسيس. مع ذلك، لم يلقَ المعنيون على الطرح جواباً.
ولئن كان قزي يعرف هذا الأمر جيداً، وقد أشار أكثر من مرة إلى أن القطاع في قلب الانهيار وأن 2200 معرض تواجه خطر الإقفال النهائي، إلا أنه من جهة أخرى لا يجد ما يبشّر في تغيير التعاطي في ما يخصّ التحويلات. فبالنسبة إليه، «التحويلforget about it». المطلوب اليوم «تسكيج» ما تبقى من القطاع وتيسير أمور الناس. لا أكثر من ذلك ولا أقل.