على أنقاض أوجاع الناس التي فقدت شهيداً أو سقفاً يؤويها جرّاء إنفجار مرفأ بيروت الذي خلّف أضراراً كبيرة في الممتلكات العامة والخاصة فضلاً عن مئات القتلى والاف الجرحى وعشرات المفقودين، يتجوّل السماسرة بين المناطق المنكوبة في الجمّيزة، مار مخايل، المدوّر، الكرنتينا، والاشرفية ومناطق اخرى مستغلّين مأساة الناس الذين فقدوا منازلهم وباتوا بلا مأوى لعرض البيوت والممتلكات والعقارات للبيع مقابل مبالغ مالية كبيرة نقداً وبالعملة الصعبة.
ويتوزّع هؤلاء السماسمرة وعملاؤهم على المناطق والاحياء المنكوبة، لاسيما التي تحتضن منازل تراثية تُمثّل الوجه الثقافي والحضاري لمدينة بيروت لأهداف ربطتها المعلومات المتداولة في هذا الشأن بتغيير ديموغرافي لتلك المناطق تقف وراءه جهات سياسية وحزبية نافذة في البلد تتحين الفرص من اجل تنفيذ مخططاتها.
ولقطع الطريق على هذه المحاولات التي كما يبدو واجهتها “سماسرة” لكن مضمونها اهداف سياسية-ديموغرافية، علمت “المركزية” “ان تكتل “الجمهورية القوية” يتّجه عبر النائب جورج عقيص الى تقديم اقتراح قانون معجّل مكرر يجعل هذه المناطق المشار إليها، أرضاً منكوبةً غير قابلة للمسّ، تحت أي ذريعة والعمل على وضعها ضمن لائحة التراث العالمي، مع العلم ان محافظ بيروت القاضي مروان عبّود كان اكد لـ”المركزية” “ان الأبنية التراثية قضية مقدّسة بالنسبة إلينا، ولن نسمح بالمسّ بها إطلاقاً”.
وفي الاطار، اكد رئيس رابطة مخاتير منطقة بيروت الاولى بشارة غلام لـ”المركزية” صحة هذه المعلومات”، لافتاً الى “أن أحد السماسرة كان يتجوّل في الاحياء المنكوبة عارضاً شراء المنازل المتضررة مقابل مبالغ مالية نقدية او عبر شيك مصرفي، الا اننا ابلغنا الاهالي بعدم التجاوب معه نهائياً”.
وقال “سنُرمّم المنازل المهدومة وسيعود اهلها اليها. لن نغادر مناطقنا التي عمرها عشرات السنين، وهذا الامر بات محسوماً لدى معظم السكان المتضررين”.
واذ جزم “ان لا عملية بيع لمنازل متضررة حصلت منذ “الثلثاء الاسود”، لفت غلام الى “اننا على تنسيق وتواصل مع المتضررين لقطع الطريق على اي عمليات شراء لمنازلهم”، قائلاً “ممنوع بيع منازل عمرها عشرات السنين. ولن نسمح للاهالي مهما كان حجم الاضرار الذي لحق بمنازلهم بيعها”.
بدوره، اكد رئيس “حركة الارض” طلال الدويهي لـ”المركزية” “ان سماسرة يتجوّلون في احياء سكنية مسيحية عارضين شراء المنازل المتضررة، وما يدعو للشك انهم يتوجّهون لاصحاب المنازل المتضررة من الطائفة المسيحية فقط من دون ان يعرضوا على اصحاب منازل متضررة من الطائفة الاسلامية”.
وقال: “قمت بجولة امس في المناطق والاحياء المتضررة، لاسيما في منطقتي الجمّيزة ومار مخايل وابلغني عدد من الاهالي ان محامين التقوا بهم وقالوا انهم وكلاء عن شركات تطوير عقاري وانهم مهتمون بشراء المنازل المتضررة او الاستثمار في عقاراتهم، لكن حتى الان لم تتم عملية شراء واحدة”.
ولفت الى “ان عدداً من الاهالي زوّدوا هؤلاء المحامين بناءً على طلبهم بأرقام عقاراتهم في حين ان اخرين شككوا بنيّاتهم واهدافهم”، واوضح “ان هناك منازل مصنّفة اثرية لا يمكن بيعها”.
وتحدّث الدويهي عن ان جهات سياسية “نافذة” في البلد تقف وراء هؤلاء المحامين وهو ما ابلغني ايّاه الاهالي في المناطق المنكوبة، لاسيما في الجمّيزة”، لافتاً الى “ان رأسماليين من الطائفة الشيعية يرغبون بشراء هذه المنازل وبأسعار خيالية تصل الى 8000 دولار للمتر الواحد”.
ولم يستبعد ان يكون الهدف من هذا الامر تحويل هذه المناطق المنكوبة المُصنّفة اثرية الى “سوليدير 2″ مع ما يعنيه ذلك من تشويه إضافي لهوية بيروت وثقافتها”.
ولمواجهة هذه المخطط، اعلن الدويهي “اننا كحركة الارض بدأنا بالتحرّك لمنع ما يحصل، ونحن نتواصل مع الاحزاب المسيحية والكنائس في المناطق المنكوبة، لاسيما وان المطرانيات (المارونية، الارثوذكسية الكاثوليكية والارمنية) تملك عقارات هناك من اجل قطع الطريق على عمليات البيع للمنازل والعقارات”.