كتبت سمر فضول في “الجمهورية”:
غصّة كبيرة تحملها في جولتك على المرفأ بعد زلزال 4 آب، هي نكبة لا تنقل تداعياتها عدسات الكاميرا، بل احساس يختلجك عندما ترى الدمار على أرض الواقع.. تلك الارض التي تحولت ركاماً وكتلاً من الحديد المبعثر في كل مكان، وغصّة خانقة يحيط بها الف سؤال وسؤال عن شريان بيروت البحري الذي تحول الى حبل مشنقة غامضة مزنر على أشلاء وطن.
بدأ المرفأ الاربعاء “عملياً” لملمة جراحه.. فمع مشارفة أعمال البحث عن مفقودين على نهايتها، يجري العمل اليوم على رفع الأضرار عن أرض المرفأ تمهيداً لعودته الى العمل.
دخلت “الجمهورية” الاربعاء حرم المرفأ، وعاينت عن قرب الأعمال التي ينفّذها الجيش على أرضه، وتحديداً لناحية عملية رفع الركام.
في الداخل المشهد مخيف، مؤلم، دمار ما بعده دمار، لم تتمكنّ شاشات التلفزة حتّى اليوم من عكس حجمه. المرحلة الأولى لرفع الأنقاض بعيدة نسبياً عن مسرح الإنفجار، حيث ما زالت فرق الجيش وفرق البحث والتنقيب الدولية والمحليّة تستكمل عملها بحثاً عن مفقودين. هناك، الجميع ما زال متأهّباً ويعمل من دون كلل أو ملل للعثور على جميع المفقودين.
وعلى المقلب الآخر، حيث أنهت فرق البحث عملها، بدأت آليات الجيش عملية إزالة الركام والدمار من أرض المرفأ. لكنّ الأكيد، أنّ العملية لن تكون سهلة وقد تستغرق أسابيع لا بل أشهراً، نظراً لكميّة المواد المعدنية الكبيرة الموجودة في المكان، إضافة إلى الردم والحجارة والسيارات والآليات المبعثرة في المكان..
نافذة أمل تطلّ من باب المرفأ. فعلى بُعد أمتار من مسرح الإنفجار، حطّت الثلثاء باخرة قمح بعد الإنفجار محمّلة بـ 7 أطنان من القمح.
وكيل الباخرة باسم شعب، أكّد أنّ القمح مؤمّن، وطمأن “الأمور غير معقّدة”، ولذلك ستدخل بواخر القمح تباعاً الى المرفأ.
وأشار الى أنّ القمح لن يُخزّن في المرفأ، وأنّه سيُسلّم الى المطاحن مباشرة، كما يحصل في مرفأي طرابلس وصيدا.
وفي السياق، لفت الى أنّ بواخر القمح دخلت في اليومين الماضيين الى مرفأ طرابلس، واحدة تحمل 5500 طن وأخرى 13000 طن، كما وصلت باخرتان الى مرفأ صيدا واحدة بسعة 4000 طن من القمح وأخرى 6000 طن.
وعلى بعد أمتار من باخرة القمح، رست بارجة يونانية، محمّلة بحوالى 7 أطنان من المواد الغذائية والطبية، إضافة إلى حوالى 70 طناً من المواد الطبية والغذائية والألبسة المقدّمة من الدولة القبرصية.
وأكّد القيّمون على البارجة أنّها معدّة لتكون مستشفى ميدانياً، ولكنّ مع وصول عدد كبير من المستشفيات الميدانية، فستعود البارجة أدراجها فور الإنتهاء من عملية التفريغ .
ويصّر القيّمون على البارجة أن تصل المساعدات المقدّمة من الدولتين اليونانية والقبرصية، مباشرة الى الشعب اللّبناني عبر الجيش والجمعيات الأهليّة.
كما تستعدّ باخرة بريطانية هيدروغرافية، أتت بمساعدات غذائية ومطابخ ميدانية لمغادرة المرفأ، بعد أن أفرغت حمولتها وساعدت في مسح المنطقة المحيطة بالميناء، لتتأكّد من أنّ حركة الملاحة البحرية لم تتأثّر جرّاء الإنفجار، وقبل المغادرة سلّمت الجيش تقريراً يوضح أنّ لا أضرار على حركة الملاحة البحرية.
وعلى مساحة 1.5 كلم2، وضع مئات العناصر من الجيش اللّبناني أيديهم بأيدي الأهالي في المناطق المنكوبة للمساعدة في إزالة الردم والركام والزجاج، ونقلها الى بؤرة خصّصتها بلدية بيروت لجمع الركام، كما على توزيع نحو 2600 حصّة غذائية على أهالي المنطقة والعائلات، على أن تستمرّ المهمة حتى إزالة الردم من المنطقة المنكوبة.