تقرير ميليسا ج. افرام
أكثر من أسبوع مرّ على انفجار مرفأ بيروت الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص ودمر منزل أكثر من 300000.
مأساة دمرت ليس فقط أهالي بيروت ورواد الاشرفية والجميزة بل اللبنانيين أجمع، فباتت صور الضحايا وقصصهم تروى في كل منزل، حتى تخطت حدود لبنان لتصل للعالم أجمع من خلال وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي.
ورغم الخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي لحقت باللبنانيين، الا انه لا يجب اغفال النظر إلى صحتنا النفسية، فانفجار بيروت ولد عواقب نفسية كبيرة على اللبنانيين أجمع.
وبحسب المعالجة النفسية كريستينا الخولي، تختلف العوارض النفسية بين شخص وآخر وذلك يعود لتاريخ من عاش حالة الصدمة والخصائص التي يتميز بها، بالاضافة الى طريقة تعرضه للانفجار.
ولفتت الخولي في حديث لموقع IMLebanon الى ان مسار العوارض النفسية يختلف بين شخص وآخر، فهناك من تنخفض عوارضه تدريجيا مع الوقت، وهناك من تستمر العوارض عنده وتتزايد مع الوقت، وهناك من تظهر عوارضه بطريقة مفاجئة ومتأخرة.
واشارت الخولي الى ان عوارض اضطراب التوتر الحاد تبدأ مباشرة بعد الصدمة وتستمر لثلاثة ايام على الاقل حتى فترة شهر بعد الحادث الصادم.
من بعد الحادث الصادم نلاحظ على الاقل 9 عوارض من العوارض التالية عند من تعرض للاضطراب التوتر الحاد:
وتتوزع عوارض اضطراب التوتر الحاد الى 5 أقسام، ويظهر على الاقل 9 عوارض عند الفرد، وتتوزع الاقسام كالتالي:
– عوارض جسيمة: أحلام متكررة تتعلق بالحدث الصادم، ذكريات متكررة ولا ارادية حول الموضوع، بالاضافة الى ردود فعل يشعر بها وبيتصرف كأن الحدث سيتكرر.
– المزاج السلبي: عدم القدرة على الشعور بأحاسيس ايجابية بعد الحادث.
– عوارض الانفصام: تصور متغاير للواقع وللمجتمع ولحياة الفرد، بالاضافة الى عدم القدرة على تذكر أحداث مهمة من الحادث.
– عوارض التجنب: الشخص يحاول تجنب الذكريات والمشاعر المرتبطة بالحدث الصادم او بالافراد الذين فقدهم.
– عوارض اليقظة: اضطرابات بالنوم اي النوم لوقت قليل او طويل، اضطرابات بالاكل، سلوك عصبي شديد ونوبات من الغضب، بالاضافة الى صعوبة بالتركيز وردود فعل مفاجئة ومبالغ بها. وقد يصبح الفرد عدواني بالجسد وبالكلام تجاه الآخرين او الاشياء.
وشددت الخولي على انه عندما تستمر كل هذه العوارض لاكثر من شهر، تصبح اضطرابات ما بعد الصدمة، وبهذه الحالة يجب على الشخص التوجه لمعالج أو طبيب نفسي لمساعدته لانه لن يتمكن من تخطي المرحلة وحده.
لا من وقت محدد للفرد للخروج من حالة الاكتئاب التي يعيشها، فالعوارض والتشخيص يختلفان بين شخص وآخر ووجود الطبيب او المعالج النفسي قد يسرع من فترة تخطي الأزمة النفسية.
ورأت الخولي ان حالة عدم الاستقرار التي يعيشها اللبنانيون منذ ثورة 17 تشرين، من أزمة اقتصادية وغذائية وأمنية، تجعل الناس يخافون من الأسوأ الذي قد يلحق بهم، وهذا يصعب من تحديد فترة شفاء المجتمع نفسيا من حادثة المرفأ.
ونصحت الخولي اللبنانيين عموما والمتضررين من حادثة المرفأ خصوصا بكتابة يومياتهم لمساعدتهم على تخطي وضعهم النفسي والتركيز خلال الكتابة على النقاط التالية:
- كتابة ما اجمل ما حدث في يومهم، ذكر شخص او شيء جلب له السعادة، ومن خلال ذلك يفتش الفرد على النقاط الايجابية في حياته رغم الصعوبات، وسيشعر أيضا بأنه يفيد أيضا غيره وان الله أعطاه نعما كثيرة .
كما نصحت بتمارين التنفس وتمارين جسدية (يوغا، المشي، الرقص التعبيري…) تساعد الفرد أيضا لكنها لا تغني عن المعالج والطبيب النفسي ان كان بحاجة الفرد اليهما.
ونوهت الخولي بأهمية ان يتحدث من عاش الحادث للآخرين عما حدث، منبهة من عدم اجباره على الكلام، وطالبة من المتلقي عدم التعليق على كلام الاخير او تقييمه والاكتفاء بالاستماع فقط لتأمين الجو الآمن للمتحدث.
وتشير الخولي الى انه ليس من السهل ان يتخطى الشعب هذه الحالة فالشعب لم يتم تطمينه بعد الحادث وغير مقتنع بالمسؤولين الذين اوصلوه لهذه الفاجعة، كما ان مشاهد الدمار التي لم يتم رفعها حتى الساعة ستذكر من عاش الحادث باستمرار باللحظات المريعة التي عاشها وبالضحايا الذين فقدوا.
ولفتت الخولي الى انه عندما يبدأ اللبنانيون بنيل الحد الادنى من متطلباتهم بالاضافة الى اعادة اعمار ما هدم بالانفجار، سيبدأون عندها بتخطي حالة الرعب التي عاشوها.
بعد مرور نحو 10 أيام على انفجار المرفأ وانقضاء الأيام الخمس التي ستحدد ما تم التوصل اليه في التحقيق، وتقصير الجهات الرسمية برفع الردميات من شوارع بيروت، اضافة الى عدم العثور على نحو 30 مفقودا، يبدو ان الحالة التي يعيشها اللبنانيون ستطول في ظل تقاعس المسؤولين عن تأمين لهم أدنى حالة من الطمأنينة.