كتبت مرلين وهبة في صحيفة “الجمهورية”:
بعد الجلسة المسائية الاربعاء التي دامت حتى منتصف الليل في مكتب وزيرة العدل ماري كلود نجم، وجمعت رئيس مجلس القضاء الاعلى القاضي سهيل عبود وغالبية أعضاء المجلس، خَلص المجتمعون الى اتفاق مبدئي على تعيين القاضي طارق بيطار محققاً عدلياً في ملف تفجير مرفأ بيروت. ولم يُبدِ الاعضاء، بحسب المعلومات، أي اعتراض عليه، بعكس موقفهم لدى طرح نجم رئيسة نادي القضاة القاضية اماني سلامة، حيث أنهم لم يعلّقوا على الاسم مُكتفين بالصمت. إلّا أنّ وزيرة العدل أصرّت بعد الاجتماع على إرسال كتاب خطي رسمي الى مجلس القضاء لتأكيد اسم بيطار خياراً جامعاً، ولتحصل بالتالي على موافقة خطية رسمية عليه.
مسار هذا التعيين بَدا مأزوماً، إذ انه حتى الرابعة بعد ظهر الخميس لم تتسلّم وزيرة العدل أيّ كتاب من مجلس القضاء الأعلى يؤكّد رفضه أو موافقته الرسمية على تعيين القاضي بيطار، في مؤشّر سلبي الى ما يكتنفه هذا التأخير.
في وقت علمت «الجمهورية» بأنّ نجم أجرَت صباح الخميس اتصالاً بالقاضي بيطار الذي اقترحته ليتولّى التحقيق العدلي في ملف انفجار المرفأ، لتستوضح موقفه بعدما تسرّبت معلومات عن اعتذاره عن قبول المهمة الموكلة إليه، لكنه أبدى استعداده لتولّي المهمة، بعكس ما تم تداوله في الاعلام.
التعيين الثاني يتأزّم!
وفي السياق، تؤكد أوساط وزيرة العدل أنها انتظرت الردّ الرسمي الخطي من مجلس القضاء على كتابها الذي طلبت فيه الموافقة الخطية على تكليف بيطار، إلّا أنّ الجواب الرسمي وصل عند الخامسة مساء الخميس مُرفقاً بكتاب رسمي من بيطار يؤكد فيه اعتذاره، لتطرح التساؤلات عمّا اذا كان مَردّ الاعتذار ضغوطاً سياسية، أم أنّ السبب يتعلق فعلاً بمسائل شخصية تخصّ القاضي بيطار؟!
فيما الحقيقة هي انّ اسباب اعتذار بيطار او رفض المجلس اسمه ما زالت غير معلومة، بعدما تردّد عن حصول تجاذبات وتدخلات سياسية قبل ساعات من طرح اسم القاضي الثالث فادي صوّان الذي بَدا ثابتاً.
هذا بالنسبة الى مسار التعيين، أمّا بالنسبة الى المسار القضائي المعني بالتحقيق الأولي في قضية انفجار مرفأ بيروت، فقد كشفت مصادر قضائية أنّ التحقيقات الاولية مستمرة مع بقية رؤساء الاجهزة الامنية والضباط المسؤولين في المرفأ، على أن تودع نتائج تلك التحقيقات وما توصّلت إليه بيد القاضي العدلي بعد ان يتم تكليفه رسمياً مهمة التحقيق، على أن يستمر التنسيق بينه وبين النيابة العامة التمييزية. وتجدر الاشارة الى أنّ تعيين المحقق العدلي لا يلغي دور النيابة العامة التمييزية مع الشرطة العسكرية او مخابرات الجيش او شعبة المعلومات او كافة الأجهزة الأخرى، إنما الأمر أصبح مرتبطاً بطلب المحقق العدلي من خلال إرسال استنابة قضائية حتى تتحرّك النيابة العامة التمييزية والأجهزة لاستكمال التحقيق وإيداعه نتائجها.
وعلمت «الجمهورية» انّ النيابة العامة التمييزية ستدّعي امام المحقق العدلي على المسؤولين والموقوفين الذين تم التحقيق معهم، وستطلب اصدار مذكرات توقيف في حقهم، كذلك ستحيل اليه الأوراق والمستندات الموجودة بحوذتها لتبيان وتحديد مسؤوليات من قَصّر او أهمل أداءه لمهماته في مرفأ بيروت، على أن يستكمل القاضي الجديد الاجراءات القانونية في الادعاء او التوقيفات.
كذلك علمت «الجمهورية» أنه بالاضافة الى الاشخاص الموقوفين، أجرى المحامي العام التمييزي القاضي غسان الخوري تحقيقاته مع المسؤولين الامنيين في المرفأ، حيث تبيّن له مسؤولية بعضهم بعدم الاكتراث للمعلومات حول خطر المواد الموجودة في العنبر رقم 12، وسيطلب من المحقق العدلي الجديد إصدار مذكرات توقيف في حقهم.
وفي سياق متصل علمت «الجمهورية» انّ تحقيق القاضي خوري مع وزراء الاشغال والمال والعدل سيؤجّل الى ما بعد اعلان المحقق العدلي أنّ ملاحقة الوزراء ليست من صلاحيته، وبالتالي سيطلب من النيابة العامة التمييزية متابعة الامر، وعندها سيستكمل التحقيق مع هؤلاء الوزراء، ومن المتوقع أن يتم خلال خلال اسبوع، فيما تجدر الاشارة الى أنّ صلاحية ملاحقة الوزراء تبقى أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء المؤلّف من نواب وقضاة.
وكشفت مصادر قضائية لـ«الجمهورية» أنّ التحقيق في النيابة العامة التمييزية سيستمر في موازاة التحقيق العدلي، على أن تُسَلّم نتائج التحقيقات الاولية تباعاً من المحكمة التمييزية ليُبنى على الشيء مقتضاه.