كتبت ميسم رزق في صحيفة “الأخبار”:
فوقَ رُكام بيروت التي لا تزال تنوء من هول التفجير الذي ضربها يوم ٤ آب الماضي، عقدَ مجلس النواب جلسة مزدوجة (كانت مخصصة لمحاسبة الحكومة قبل استقالتها) للمصادقة على مرسوم حالة الطوارئ، وتشريع بعض القوانين.
رئيس مجلِس النواب نبيه بري، رأى في التضحية بالحكومة تحصيناً للمجلس ممّا سمّاه «المؤامرة»، بعدَ أن قُدِّمت حكومة حسان دياب قرباناً لرئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس تيار المستقبل سعد الحريري لمنعهما من الاستقالة. تراجع الطرفان عن «تهديدهما»، بينما دفع النواب الآخرون في كتلة الكتائب وبعض المستقلين ثمن «شعبويتهم»، وصاروا مكن دون «حصانة».
«الوطن يُحتضر» قالها الرئيس بري، مُختصراً حال بلاد متحلّلة تنتظِر «العملية الجراحية» برأيه، أو حبال الإنقاذ الدولية التي تتناتشه بعدَ أن أصبحَ مكشوفاً سياسياً ومالياً واقتصادياً وأمنياً.
خلال ساعة، مدة جلسة مجلس النواب التي انعقدت أمس في قصر الأونيسكو، دخلت بيروت في حالة الطوارئ حتى تاريخ 28 الجاري، بعد موافقة مجلس النواب على مرسوم الحكومة إيلاء القوى العسكرية مهّمة إدارة الشؤون العامة فيها، ما يعني وضع المدينة تحت الإمرة العسكرية والأمنية للجيش اللبناني، وهي تجربة لم تدخلها البلاد منذ ١٥ عاماً. وبما أن المدة التي اقترحتها الحكومة تنتهي بعد أيام (18 الجاري) فُتح النقاش حول هذا الأمر، لكن رئيس المجلس أشار إلى تأخر وصول المرسوم إلى البرلمان، من دون أن يُشار إلى احتمال تمديدها.
كالعادة، تحولّت الجلسة إلى مكان لبكائيات النواب، وهذه المرة على الزلزال الذي ضرب بيروت وتبعاته. أما أبرز المواقف فكانت للنائب سيمون أبي رميا الذي دعا إلى لجنة تحقيق برلمانية في قضية تفجير المرفأ، فيما «اللقاء الديمقراطي» شدّد على وجوب تشكيل لجنة تحقيق دولية، وقد بدأ بالعمل على جمع تواقيع النواب على عريضة للمطالبة بذلك.
الجلسة غابت عنها الحكومة، باستثناء وزراء الداخلية والدفاع والزراعة. وقبيل افتتاح الجلسة، تمت تلاوة كتب استقالات النواب، وتم اعتبار استقالة النواب الـ٧: سامي الجميّل ونديم الجميّل والياس حنكش وبولا يعقوبيان وميشال معوض ونعمة افرام وهنري حلو مقبولة، قبل التريث في قبول استقالة مروان حمادة. هذه الاستقالة بدت متأرجحة بعد إعلان النائب بلال عبد الله تراجع حمادة عنها. فالنائب إيلي الفرزلي طلب توضيح ما ورد في كتاب استقالة حمادة عن محاكمة الرؤساء والوزراء وإذا كان شرطاً للاستقالة الى حين حضوره والاستفسار منه، فردّ النائب عبد الله بأن حمادة «متوعك صحياً»، إلا أن «تعذّر» الحضور جعل الاستقالة نافذة. لكن حمادة، وبعد قبول الاستقالة، نفى كلام زميله عبد الله، وقال: «لم أتراجع أي لحظة عن استقالتي ولست مريضاً، ولن أقول إلا الحمد لله». أما النائبة ديما جمالي فقد تراجعت عن استقالتها التي لم تقدّمها إلا شفهياً، لكنها «علقت مهامها في المجلس، لأن هدفها الأساسي هو إقرار قانون انتخابي جديد يتضمن تقصير ولاية المجلس وإجراء انتخابات مبكرة».
وحده النائب أسامة سعد تحفّظ على حالة الطوارئ
وفيما تغيّب نواب «الجمهورية القوية» عن حضور الجلسة، بعدَ أن لوّحوا باستقالاتهم سابقاً وأعرضوا عنها بسبب تخلّف تيار «المستقبل» والحزب الاشتراكي عن ركوب موجة القوات، قال بري إنه «كانت هناك مؤامرة الأسبوع الماضي على مجلس النواب من خلال الدفع إلى الاستقالة وتبادل الأدوار ومحاولة الدفع باتجاه أن تحاسب الحكومة المجلس وليس العكس، والبعض لا يزال «حردان» حتى الساعة بعد إفشال هذه المؤامرة».
أبرز ما في الجلسة كان إقرار إعلان حالة الطوارئ في بيروت. وهو ما اعترض عليه النائب أسامة سعد، معتبراً أن «لا حاجة إلى حالة الطوارئ، بل إن حالة التعبئة العامة كافية، ولا داعي للمزيد من عسكرة السلطة». لكن بري ردّ عليه قائلاً: «طوال حالة الطوارئ لم يقم الجيش بخطوات يتخوف منها الناس، ولا قمع تلفزيوناً رغم الفوضى في الإعلام، لم يتدخل وترك المجال للتظاهرات».
في النصف الثاني للجلسة، أقرّ المجلس قانون إعفاء ذوي ضحايا المرفأ من رسوم الانتقال وسمح لوزارة التربية بإعطاء إفادات لطلاب الشهادات التي ألغيت. كما أقرّ قانون تمديد المهل القانونية والعقدية حتى نهاية العام، وتمديد مهل الإعفاءات من الغرامات وزيادات التأخير والفوائد المترتبة على الرسوم والقروض لمدة ستة أشهر.