كتب عمر البردان في صحيفة “اللواء”:
بعد طَي صفحة الاستقالات النيابية، بعدما اقتصرت على ثمانية نواب، وتجميد النائبة ديما جمالي نشاطاتها المجلسية، تتركز الجهود على موضوع تشكيل الحكومة الجديدة الذي يتصدر واجهة التطورات الداخلية، توازياً مع عمليات رفع الأنقاض من المناطق المنكوبة في بيروت، بعد الكارثة المروعة التي تسبب بها انفجار المرفأ الذي سيباشر القضاء الاستماع اليوم، إلى عدد من وزراء النقل والأشغال السابقين، إضافة إلى وزراء آخرين، في سياق التحقيقات الجارية لكشف ملابسات الجريمة ومن يقف خلفها. في وقت أثار الخلاف الذي حصل بين وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم ومجلس القضاء الأعلى، بشأن اسم المحقق العدلي بعد إحالة الملف إلى المجلس العدلي، تساؤلات سياسية وقضائية كثيرة، ويطرح المزيد من الهواجس عما إذا كانت هناك نوايا مبيتة للتشويش على التحقيق وحرفه عن مساره لغايات سياسية مريبة.
وفي حين كان يفترض بالحكومة أن تحيل هذه الجريمة التي لم يشهد لبنان مثلها في التاريخ، على المجلس العدلي بعد ساعات قليلة من حصول الكارثة، لإظهار مدى الجدية في كشف أسبابها وخلفياتها، فإن القنبلة التي فجرها عضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور في مجلس النواب، حيث أشار إلى وجود ضغوطات لتعيين محقق عدلي يأخذ التحقيق وفق ما تريده جهات سياسية، أحدثت دوياً كبيراً في أوساط الرأي العام المصدوم من ذريعة تعامل السلطات الرسمية والقضائية، مع ما لذلك من تضييع للحقيقة، على غرار ما حصل من تلكؤ قضائي لبناني واضح في التعامل مع الملفات القضائية التي عرضت عليه. ولذلك كان تحرك «اللقاء الديمقراطي» النيابي باتجاه توقيع عريضة نيابية تطالب بالاستعانة بلجنة تحقيق دولي، في ظل عدم وجود ثقة بالقضاء اللبناني الذي أظهر عجزه في محطات عديدة .
وتشدد في هذا الإطار، أوساط نيابية على أن هذا الاستخفاف المريب من جانب وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى، في ما يتصل بالكباش الذي دار حول تعيين محقق عدلي بعد إحالة جريمة المرفأ إلى المجلس العدلي، مقلق وشديد الخطورة، في ما بدا وكأنه تصفية حسابات بين وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم ومجلس القضاء الأعلى، على خلفية ما جرى من خلافات تتعلق بالتشكيلات القضائية التي لم يوافق عليها رئيس الجمهورية ميشال عون، مشيرة إلى أن الناس المكلومة وأهالي الضحايا، بات لديهم شكوك كبيرة في نوايا السلطات السياسية والقضائية اللبنانية تجاه جريمة المرفأ، وبالتالي فإن المطالبة بتحقيق دولي ستكبر مع الوقت ككرة ثلج، مدعومة بموقف قوي دولي، عبر عنه، أمس، وكيل وزارة الخارجية الأميركية دايفيد هيل فور وصوله إلى بيروت، بكشفه أن مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، ال»fbi»، سيشارك في التحقيقات الجارية لمعرفة أسباب كارثة المرفأ .
وأشارت المعلومات المتوافرة لـ«اللواء»، إلى أنه وبعد الفشل الذريع الذي أظهرته السلطات السياسية والقضائية في معالجة تداعيات انفجار المرفأ، فإن الباب قد فتح على مصراعيه أمام تشكيل لجنة تحقيق دولية، في ظل اقتناع دولي بعدم جدية القضاء اللبناني في كشف حقيقة ما جرى، باعتبار أن هناك سوابق مقلقة على هذا الصعيد. حيث يتوقع أن يكون التحقيق الدولي محور اتصالات خارجية، في ضوء بروز مخاوف من أن تكون هناك أطراف داخلية، لن يكون لها مصلحة في التوصل إلى نتائج حاسمة على صعيد ما جرى في المرفأ. وهذا سيقود حتماً إلى تبن عربي ودولي حيال تشكيل لجنة تحقيق دولية، تحدث عنها الفرنسيون، ويعملون على تسويقها في مجلس الأمن ومع عواصم القرار.
وأشارت المعلومات، إلى أن السفير هيل لا يحمل أي تغيير في موقف بلاده من مشاركة «حزب الله» في الحكومة، لا بل على العكس فإنه سيجدد الموقف لناحية استبعاد الحزب عن أي حكومة قد تشكل، وهذا ما سيؤكد عليه الموفد الأميركي، وسيشدد على على ضرورة قيام حكومة حيادية مستقلة قادرة على إنجاز الإصلاحات، والإعادة الثقة الدولية بلبنان، بعدما أساءت السلطة إلى سمعة لبنان على مختلف المستويات.