Site icon IMLebanon

برّي يتحدّث عن مؤامرة لإسقاط المجلس

كتب أكرم حمدان في صحيفة “نداء الوطن”:

حدّد رئيس مجلس النواب نبيه بري خلال جلسة مجلس النواب أمس في قصر الأونيسكو، خريطة طريق للمرحلة المقبلة، عبر عملية جراحية لدستور الطائف، تتمثّل بدولة مدنية وإنشاء مجلس شيوخ للطوائف وقانون إنتخابات نيابية من دون عائق مناطقي أو مذهبي والإقتراع في أماكن السكن، إضافة إلى قضاء مستقلّ وتوحيد الضرائب وضمان إجتماعي للجميع، والإسراع في تأليف حكومة بيانها الوزاري الإصلاحات ومحاربة الفساد.

كذلك، ردّ بري على من سمّاهم بـ”الحردانين” والمؤامرة التي كانت تعمل من أجل إسقاط المجلس النيابي عبر الإستقالات النيابية وأن تقوم الحكومة بمحاسبة المجلس وليس العكس، كما نوّه بدور الجيش “الذي هو أحد أهم رموز الوحدة في لبنان ويجب وضع ثقتنا به”.

إستقالات النواب

وثبّتت الجلسة التي عُقدت بغياب نواب تكتّل “الجمهورية القوية” الذين قاطعوها، والنواب الذين تقدّموا باستقالاتهم من المجلس، حالة الطوارئ حتى الثامن عشر من آب الجاري وِفق ما هو وارد في مرسوم إعلانها، مع تحفّظ النائب أسامة سعد الذي اعتبر أن لا مُبرّر لذلك، ولكونه يُشكّل عسكرة للسلطة.

كذلك ثبّتت الجلسة إستقالة النواب الثمانية الذين تقدّموا بها خطياً وِفقاً للأصول، بعد تلاوتها أمام الهيئة العامة، بالرغم من محاولة إيجاد فتوى أو مخرج لجعل النائب مروان حمادة يتراجع، إلا أّن الأخير بقي مُصرّاً ولم يحضر إلى الجلسة، فأصبحت إستقالته نافذة مع النواب الآخرين، بالرغم من إثارة نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي لما ورد في مضمون الإستقالة لجهة تحريك المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وكأنّها مشروطة، وهو ما يعتبره النظام الداخلي سبباً لإعتبارها لاغية.

وقد ترك برّي الأمر جانباً، طالباً حضور حمادة شخصياً إلى الجلسة لكي يشرح الغاية والهدف. وبالرغم من محاولات النائب بلال عبد الله تبرير غياب حمادة بالمرض، إلا أنّ بري إعتبر الإستقالة نافذة بعدما أعطى مجالاً من الوقت لإيجاد المخرج.

وهكذا بات حمادة وكل من: نديم الجميل، بولا يعقوبيان، سامي الجميل، الياس حنكش، ميشال معوض، نعمة إفرام، وهنري حلو، نواباً سابقين.

تمديد المهل ومنح الإفادات

وبعد الإنتهاء من تلاوة الإستقالات ومناقشة مرسوم الطوارئ وتثبيته والموافقة عليه، تحوّل مجلس النواب، بعد موافقة الهيئة العامة، هيئة تشريعية حيث أقرّ إقتراح قانون معجّل مكرّر تقدّم به النائب ياسين جابر حول تمديد المهل المتعلّقة بالقروض على أنواعها، ووقف الملاحقات حتى نهاية السنة، وأضيف إليه أيضاً تعديل، بناء لإقتراح رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، يقضي بإعفاء ورثة ضحايا تفجير بيروت (المرفأ) من رسوم حصر الإرث والأبنية المُتضرّرة من ضريبة الأملاك المبنية والرسوم البلدية لعام 2020، وكذلك تمديد المهل القانونية والقضائية والعقدية الواردة في القانون 160/2020. وأقر المجلس، بناء على إقتراح النائب علي فياض، إقتراح قانون معجّل مكرّر يُجيز لوزارة التربية إعطاء إفادات للشهادات الرسمية التعليمية والمهنية بعدما كانت ألغيت الإمتحانات الرسمية بسبب جائحة “كورونا”، وكانت الحكومة المستقيلة أرسلت مشروع قانون بهذا الخصوص إلى مجلس النواب.

مواقف وملاحظات

وسجّلت جلسة الأمس، التي تعتبر الأولى من نوعها منذ العمل بإتفاق الطائف، مجموعة من المواقف والملاحظات منها:

وضع الرئيس بري حدّاً لمحاولات إسقاط مجلس النواب أو تجاوزه. إعادة التأكيد على مطلب لجنة التحقيق الدولية في إنفجار المرفأ عبر النواب وائل أبو فاعور وبلال عبد الله ورولا الطبش الذين أجمعوا في مداخلاتهم على عدم الثقة بالقضاء المحلي، مُعتبرين أنّ ما جرى بين وزيرة العدل في الحكومة المستقيلة ومجلس القضاء الأعلى، لجهة محاولات فرض بعض القضاة من هوى سياسي معيّن في التحقيق في جريمة المرفأ، لهو أكبر دليل على عدم الثقة.

كذلك المطالبة بلجنة تحقيق برلمانية عبر النائب سيمون أبي رميا، وطرح سؤال عمّا إذا كان مرسوم إعلان حالة الطوارئ يحتاج إلى موافقة مجلس النواب لكي تمارس المؤسسة العسكرية أعمالاً معينة، من خلال النائب أيوب حميد.

حبيش والعمل بالطوارئ

لكنّ الإشكالية التي يُمكن أن تسجّلها هذه الجلسة، طرحها النائب هادي حبيش خلال التصديق على مواد المرسوم، والمُتمثّلة بما إذا كان العمل بمضمون هذا المرسوم (أي حالة الطوارئ) إعتباراً من صدوره عن مجلس الوزراء أم من تاريخ تصديق مجلس النواب وموافقته عليه؟

وفي وقت تُرك هذا الأمر بلا حسم، نظراً لأنّ ما تبقى من فترة العمل بهذا المرسوم لا يتجاوز الأيام المعدودة، أي تاريخ 18 آب الجاري (خمسة أيام)، وتفادياً لفتح سجال ونقاش لا فائدة منه، أوضح حبيش لـ”نداء الوطن” أنه طالما أنّ القاعدة هي أن للمجلس الحقّ بالرفض أو القبول، فهذا يعني أنّه لا يمكن البدء بتنفيذ حالة الطوارئ قبل موافقة مجلس النواب عليها وأنا من القائلين بهذا الرأي، سيّما وأنّ النص يتحدّث عن أن “على مجلس النواب الإجتماع خلال ثمانية أيام للنظر بالتدبير”، وهذا يعني إلزام المجلس، ولا علاقة لتاريخ صدور المرسوم بالأمر، كما أنّ ما قام به مجلس النواب لجهة التصويت على مواد المرسوم هو شكل من أشكال التصويت على القانون، وهو بذلك وافق على مضمون المرسوم وأصبح نافذاً من تاريخ موافقة المجلس عليه.

كذلك أشار النائب أسامة سعد إلى مخالفتين، لجهة أخذ مجلس الوزراء القرار بإعلان حالة الطوارئ في 5 آب وصدر المرسوم في 7 آب، أي بدء التطبيق قبل صدور المرسوم، أما المخالفة الثانية فهي عدم وجود أي مبرّر لإعلان حالة الطوارئ، خصوصاً وأنّ الحكومة قد أعلنت حال التعبئة العامة والتي يُمكن من خلالها معالجة آثار هذه الكارثة.

واللافت أنّ الحضور الحكومي إقتصر على كل من نائب رئيس الحكومة وزيرة الدفاع زينة عكر ووزير الداخلية محمد فهمي ووزير الثقافة والزراعة عباس مرتضى.

وفي الخلاصة، وكما في كل محطّة من المحطّات أو التجارب الجديدة دستورياً وقانونياً، يتبين أنّ هناك الكثير من الثغرات في النصوص التي تحتاج إلى توضيح وتفسير، كما أنّ إنتهاء جلسة الأونيسكو أمس فتح الباب والسؤال عن مصير الإنتخابات الفرعية، بعدما أصبح عدد النواب 120 بدلاً من 128، خصوصاً وأنّ حكومة تصريف الأعمال لا يمكنها القيام بهذا الأمر خلال مهلة الشهرين التي تبدأ من اليوم وِفقاً للمادة 41 من الدستور، وليس واضحاً بعد متى تولد الحكومة الجديدة، وهل يمكنها القيام بعمل كهذا بينما البلاد ينتظرها الكثير؟