Site icon IMLebanon

الخلوي: سقطت الحكومة ولم تتسلم الدولة القطاع!

كتب إيلي الفرزلي في “الاخبار”:

اتخذت الحكومة قرار استعادة إدارة قطاع الخلوي من شركتي «زين» و»أوراسكوم» في ٥ أيار الماضي. أكثر من ثلاثة أشهر مرّت منذ ذلك الحين، كانت نتيجتها استقالة الحكومة وبقاء الشركتين في مكانهما. لكن هل هذا يعني أن صفحة استرداد القطاع قد طُويت؟ كثرٌ اتهموا وزارة الاتصالات، في الأشهر الماضية، بالتواطؤ مع الشركتين لعدم إتمام عملية التسليم والتسلم. تعيين وزير الاتصالات لأعضاء جدد لمجلس الإدارة، بعد شهر من قرار مجلس الوزراء، لم ينفّذ حتى اليوم، لأن التسلم لم يتحقق. بعد الاستقالة، صار الأمر أصعب. اسم رئيس الوزراء المقبل يحدد وجهة التعامل عن القطاع، وهذا أعطى أملاً، لشركة زين تحديداً، بالبقاء في موقعها. هي التي تُتهم بعرقلة كل مساعي التسليم والتسلم، من خلال تأخير الأعمال والضغط على الموردين، الذين لم يقبضوا أياً من مستحقاتهم منذ أكثر من عام. هذا السيناريو لا ينطبق على شركة «ألفا»، التي يبدو، بحسب مصادر الوزارة، أنها أنجزت ما كان طُلب منها من ملفات ومعلومات في سياق الإعداد لتسليم القطاع.

العقبة الأبرز التي أزيلت من أمام تسلم الدولة، كانت موافقة الموظّفين على الانتقال من «أوراسكوم» و»زين» إلى «ميك 1» وميك 2»؛ إذ أكدت نقابة العاملين في الشركتين، «بالنظر إلى الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، عدم اعتراضها على عملية التسليم والتسلم، بما فيها انتقال الموظفين بالشروط والأحكام القائمة نفسها».

ما يؤخر العملية حالياً هو انتظار إنجاز التدقيق المالي الذي تجريه شركة PWC لحسابات الشركتين (حتى شهر حزيران)، تمهيداً لإعطاء براءة ذمة للموظفين وأعضاء مجلس الإدارة (ينص العقد على إعطاء براءة الذمة هذه مع نهاية كل سنة، وفور التصديق على موازنة الشركتين). الخشية هنا تنبع من احتمال إعطاء براءة ذمة للشركتين. وهو ما عبّرت عنه مجموعة «وعي» في الاعتصام الذي نفّذته أمام مقر شركة «تاتش»، بالتزامن مع الجمعية العمومية التي كان مقرراً انعقادها أمس.

تجزم مصادر الوزارة بأن لا رابط بين إعطاء براءة الذمة للموظّفين وإعطاء براءة ذمة للشركتين. فالحالة الأولى هي حالة تلقائية وطبيعية بحسب العقد، فيما لا براءة ذمة ستعطى لأي من الشركتين قبل التدقيق الذي سيجرى لاحقاً. كما تؤكد المصادر أن الشركتين لن تستعيدا كفالتيهما مع تسلّم القطاع، مذكّرة بأن المادة ٣١ من العقد واضحة بعدم الربط بين تسلم القطاع من الشركتين وإعطائهما براءة ذمة.

تذهب مصادر مطلعة إلى الجزم بأن استقالة الحكومة لن توقف المسار الذي انطلق في ٥ أيار الماضي. أما بشأن التأخير، فتشير إلى أن الأولوية كانت للقيام بالإجراءات بشكل قانوني ومنسّق مع الشركتين، بما يؤدي بالنتيجة إلى الهدف المنشود. متى يحصل ذلك؟ يؤكد وزير الاتصالات طلال حواط أن التدقيق صار على النهاية، ويفترض أن تكون الأمور قد سوّيت بعد أسبوعين من اليوم، بحيث يتم التصديق على الحسابات المالية، ثم يتم تسلّم القطاع.

إلى ذلك الحين، تتهم مصادر مطلعة شركة «زين» بعرقلة هذه العملية، وخاصة بعد أن عززت استقالة الحكومة آمالها بعدم تسليم «ميك ٢» للدولة اللبنانية.

أمس، كان يُفترض أن تنعقد جمعية عمومية للشركة، تُخصّص للموافقة على تمديد ولاية مجلس الإدارة لأسبوعين، يتم خلالها تسديد رواتب الموظّفين عن شهري آب وأيلول، وتسديد مستحقات كل المورّدين بهدف تأمين استمرارية الشبكة. هذه خطوة ليست جديدة، لكنها إشكالية. فالجمعية العمومية سبق أن وافقت على الترخيص لمجلس الإدارة الدفع للمورّدين لضمان استمرارية القطاع «بما يراه مناسباً». لكن مجلس الإدارة ارتأى الدفع لمورّدي المازوت فقط، وترك المورّدين الآخرين يعانون من الانتظار.

اجتماع الجمعية العمومية لم ينعقد لأن وزارة الاتصالات لم تبلغ بنك عودة، صاحب النسبة الأكبر من الأسهم، بالحضور. بحسب المعلومات، فإن السبب يعود إلى الخلاف بين وزارة الاتصالات وإدارة زين على نص الدعوة إلى الجمعية. فيوم الثلاثاء عقد اجتماع بين وزير الاتصالات طلال حواط وإدارة زين بهدف الاتفاق على جدول أعمال الجمعية، بعد أن كانت «زين» قد أعدت جدولاً لم توافق عليه الوزارة. بنتيجة الاجتماع، تم التوافق على البنود المطلوبة، على أن يعيد محامي «تاتش» عماد حمدان كتابة نص الدعوة بناءً على ما اتفق عليه. لكن تبيّن في اليوم التالي أن النص المرسل لم يراعِ ملاحظات الوزارة. وعليه، فقد رفض محامي الوزارة الوزير السابق ناجي البستاني النص، طالباً تعديله. الاعتراض ليس على البنود، بل على بعض المصطلحات المستعملة، والتي كانت بالنسبة إلى البستاني غير مناسبة، لأنها حمّالة أوجه، كأن يقال على سبيل المثال، استمرار مجلس الإدارة بدلاً من التمديد له. بالنتيجة طلب من تاتش تعديل النص، إلا أنها حتى يوم الجمعة استمرت في المماطلة ولم ترسل النص المطلوب، فعمدت الوزارة إلى تأجيل الجمعية، من خلال عدم دعوة بنك عودة إلى المشاركة.

بحسب مصادر متابعة، فإن انعقاد الجمعية من دون الاتفاق على جدول الأعمال، كان يمكن أن يؤدي إلى صدام بين حاملي الأسهم. لكن هذه المصادر تشير في المقابل إلى أن لا مجال أمام «زين» سوى الالتزام بما تطلبه الوزارة، وهي لن تنجح في شراء المزيد من الوقت. وبالتالي فإن الجمعية ستعقد على الأرجح في الأسبوع المقبل.

إن حصل ذلك، فإن بند الدفع للمورّدين هو الأكثر حساسية؛ إذ تبين سابقاً أن الشركة ترفض الدفع لهؤلاء، بحجة أن ذلك يخالف المادة ٣٦ من قانون الموازنة، التي تنص على تحويل الإيرادات إلى الخزينة، بعد دفع الرواتب. كما ينص على أن يصار إلى الاتفاق على آلية بين وزيري الاتصالات والمالية يتم من خلالها الدفع للموردين. وبالفعل، عمد مجلس الوزراء إلى الموافقة على الآلية المقترحة، والتي تنص على أن تحول الإيرادات الصافية إلى الخزينة، بعد أن تدفع الشركتين الرواتب والمصاريف التشغيلية مباشرة. أما بالنسبة إلى المصاريف الاستثمارية، فقد أشارت الآلية إلى إيداعها في حساب خاص في مصرف لبنان، على أن يعود وزير الاتصالات إلى مجلس الوزراء للموافقة على كل مشروع على حدة. وبعد موافقة مجلس الوزراء تتولى وزارة المالية الدفع للموردين.

تلك الآلية سارت بها شركة «ألفا»، التي عقدت جمعية عمومية أجازت لمجلس الإدارة دفع الرواتب، إضافة إلى المصاريف التشغيلية. وأكثر من ذلك، تؤكد مصادر في الوزارة أن العمل على التسليم والتسلم مع «أوراسكوم» قطع شوطاً كبيراً، وصارت الأمور في خواتيمها. لكن المسألة في «زين» تبدو أكثر تعقيداً. الشركات المتعاقدة معها تعاني من أزمات مالية حادة، نظراً إلى عدم قبضها مستحقاتها منذ بداية العام ٢٠١٩. وقد عمد جزء كبير منهم، إما إلى الإقفال أو صرف العمال، ما يوجب الإسراع في دفع مستحقاتهم، كي لا نشهد المزيد من الأزمات.