كتب عمر حبنجر في “الانباء الكويتية”:
لبنان بين العناية الدولية والرعاية العربية. الأميركيون والفرنسيون والإيرانيون يتحركون، وأهل الديرة يساعدون، بينما أصحاب الشأن يجلسون في مقاعد المتفرجين بأفضل الأحوال.
الزوار يفكرون ويقررون، ويتفقدون الأحياء المهدمة، والمزارون قابعون في مواقعهم، بانتظار الطبق الذي يعده الضيوف.
الرئيس العماد ميشال عون، منصرف إلى التحضير للاستشارات النيابية من اجل تسمية رئيس الحكومة العتيد، عبر مشاورات سياسية سباقة، غايتها التفاهم على اسم رئيس الحكومة قبل البدء باستشارات تكليفه، على اعتبار ان «الأقطاب»، أي رؤساء الكتل يقررون، فيما ينحصر دور النواب الآخرين على رفع الأيدي بالمصادقة.
ورئيس المجلس النيابي نبيه بري منشغل بحل عقدة ترسيم الحدود البحرية قبل البرية مع إسرائيل، فيما رئيس الحكومة المستقيلة حسان دياب منصرف الى تصريف الأعمال، مبتعدا عن ضجيج المشاورات والاستشارات، التي ثمة الكثير من المؤشرات على أنها ستطول وتطول، ربما حتى نهاية العهد، كما يقول المتشائمون، إلا في حال تقبل حزب الله ومن خلفه طهران، التضحية بوجوده في الحكومة، كما ينصح الأميركيون، ليحفظ هذا الوجود في الحياة السياسية.
ولا يبدو أن تلك الاستشارات ممكنة قبل التفاهم على الاسم، وهنا تلاحظ الأوساط تردد الرئيس سعد الحريري، الخائف من الحريق، فالفرنسيون معه، لكن الأميركيين ليسوا متشبثين به، وحتى حزب الله، يمنحه الدعم وفق شروط، اقلها يتصل بارتدادات حكم المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل، أكد أن حكومة حياديين وحدها القادرة على انتشال لبنان من قعر الأزمة، بينما أصر وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف، وبعده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، على حكومة الوحدة الوطنية.
وزاد ظريف على ذلك قوله، ان وجود السفن الحربية الناقلة للمساعدات الطبية والغذائية يشكل تهديدا للمقاومة.
هيل ركز على القول بأن مشاركة حزب الله بالحكومة المقبلة، تعني لا مساعدات للبنان، في حين يقول ظريف، إن لبنان دولة سيادة مستقلة، متخطيا تصريحات كبار المسؤولين الإيرانيين، التي تضع بيروت في صف دمشق وبغداد وصنعاء، وكأنه يقصد أن لبنان دولة سيادة، إنما ضمن المربع الإيراني، وبالتالي على من يريد مخاطبة بيروت، أن يوجه خطابه الى طهران.
لكن هيل شدد خلال جولة له داخل المرفأ قبل أن يغادر، على ضرورة السيطرة على الحدود اللبنانية والمرافق والمرفأ بالتحديد لضمان السيادة.
البطريرك الماروني بشارة الراعي توجه الى المسؤولين في لبنان من وادي قنوبين، يبلغهم بوجوب معرفة ان زمنا جديدا بدأ مع الانفجار الذي حصل في المرفأ، انه زمن التغيير الحقيقي.
وأضاف: لقد حزنا جميعا عندما علمنا ان سماسرة العقارات تقدموا لشراء البيوت المهدمة، واصفا هؤلاء بالغربان التي تحوم حول الجثث دون حياء، وهناك الغربان السياسيون.
بدوره، مطران بيروت للموارنة بولس عبد الساتر، أقام قداسا في شارع مار مخايل المهدم، سائلا المسؤولين، متى يتغيرون متى يخجلون عن الكذب، وعن الجري وراء الكراسي والمال، ومتى تتوقفون عن إطلاق التصريحات بلا طعم ولا رائحة، احتراما لأرواح الذين ماتوا. وأضاف: نحن نريد الحقيقة، حقيقة ما حصل ومن وراءه.
لكن الأوساط السياسية المتابعة، ألمحت لـ «الأنباء» إلى أنها باتت أقل تفاؤلا بقرب الفرج السياسي في لبنان، وقد أخذت من خطاب نصر الله جملة مؤشرات، مؤكدة على استمرار المشهد السياسي الراهن، فقد اعتبر رئيس الجمهورية ومجلس النواب بمنزلة خط احمر، بل ثبتهما في موقعيهما واتجاههما، برغم شبه الإجماع الشعبي على تقليص ولاية الرئيس عون، وكذلك مجلس النواب، وتناول مسألة تفجير المرفأ كمجرد شاهد دون أن ينسى تذكير إسرائيل برد الفعل الممكنة حال ثبوت مسؤوليتها عنه.
ولوحظ أن ممثلي بعض الدول النافذة والمؤثرة في الداخل اللبناني تجنبوا طلب أي موعد للقاء رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، ما نم عن وجود مقاطعة «عربية وغربية» للرجل تزامنت مع المعلومات التي تتحدث عن قرب إدراجه على لوائح عقوبات أميركية.
النائب السابق فارس سعيد قال من جهته: العالم يشترط حكومة حيادية في لبنان، وحزب الله يشترط حكومة بشروطه… استعدوا لشتاء قارس.
بالنسبة لفيروس كورونا، فهو يأخذ راحته في التوسع والانتشار، مع انصراف اللبنانيين إلى متابعة تداعيات الانفجار المدمر في المرفأ ومحيطه.
وسجل حالتي وفاة، و334 إصابة جديدة خلال 24 ساعة، رفعت العدد التراكمي الى 8045 إصابة، في حين بلغ عدد الوفيات 94