Site icon IMLebanon

“الحزب” في قلب الغضب اللبناني.. “الخناق يضيق”

لا شك أن الغضب الشعبي الذي تفجر مع انفجار الرابع من آب، طال جميع السياسيين والأحزاب في لبنان.

وعلى الرغم من استقالة الحكومة، فإن سخط اللبنانيين لم يهدأ بعد، وقد طالت شظاياه حزب الله الذي بات في مأزق، فهو من جهة يواجه منذ تدهور الوضع الاقتصادي بشكل ملحوظ في البلاد، انتقادات خلف الستار ضمن بيئته، ومن جهة أخرى حُمِّل كما غيره من أحزاب السلطة المسؤولية عن الانفجار الدامي، الذي هزّ العاصمة بيروت، مخلفاً أكثر من 180 قتيلاً، وعشرات المفقودين، فضلاً عن آلاف الجرحى، وخسائر قدرت بـ 15 مليار دولار.

ولعل أوضح صور هذا الغضب تجلت قبل أيام، عند تعليق المشانق للزعماء السياسيين في لبنان من رئيس الجمهورية، ميشال عون، إلى رئيس البرلمان، نبيه بري، مروراً برئيس الحكومة السابق، سعد الحريري، والزعيم الدرزي، وليد جنبلاط، وصولاً إلى زعيم حزب الله، حسن نصرالله.

وفي هذا السياق، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت، هلال خشّان، في تصريح لصحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، أن “حزب الله في مأزق حقيقي والخناق يضيق من حوله. يعيش معضلة وهو لا يدرك ماذا يفعل”.

فالحزب المدعوم من إيران بات يواجه الآن بعد انفجار بيروت أصعب تحد، لاسيما أنه أقوى تنظيم عسكري في لبنان لذلك أضحى في صميم السخط الشعبي الموجّه ضد الطبقة الحاكمة بما في ذلك عدد متزايد من المسلمين الشيعة.

فإلى جانب المأساة التي هزت العاصمة، بعد انفجار 2750 طنا من نترات الأمونيوم خزنت في المرفأ لسنوات، دون تحرك المعنيين، تضافر الانهيار الاقتصادي وتراجع القدرة الشرائية، وارتفاع سعر الدولار، وأزمة المصارف في تعميق التململ والسخط، وتوسيع الانتقادات للحزب.

وإن كان بعض المناصرين للحزب في لبنان يتحفظون عن المجاهرة بانتقاداتهم، إلا أن العديد من الأصوات باتت ترتفع مؤخرا.

فقد وصفت إحدى سكان مدينة النبطية جنوب لبنان “خطابات الحزب عن المقاومة ضد إسرائيل، بغسل الدماغ.” وقالت، بحسب ما نقلت الصحيفة:” أنا أتألم وأواجه صعوبات لإطعام أسرتي وسط ظروف اقتصادية صعبة…”.

كما أضافت: غسل الأدمغة بالحديث عن مقاومة إسرائيل لن يُطعمنا أو يؤمّن مستقبل أطفالنا. لقد سببوا كل ما حصل راهناً في بلدنا…”.

يأتي هذا السخط الشعبي، والتردي الاقتصادي، في حين يواصل حزب الله تمويل شبكاته ودفع رواتب مقاتليه بالدولار وهي عملة نادرة في لبنان هذه الأيام، على حد تعبير الصحافي والناشط الشيعي ربيع طليس.

وأضاف: الانقسام الطبقي بدأ يكبر بين من يتقاضون رواتبهم بالدولار من حزب الله وبين باقي أبناء الطائفة الشيعية التي انهارت مكاسبهم بسبب انهيار العملة المحلّية. وهناك ارتفاع ملحوظ في الانتقادات الموجهة إلى الحزب.

إلى ذلك، يعتبر العديد من اللبنانيين أن حزب الله شريك في عملية الفساد، فهو يحمي الفاسدين، ويتحالف معهم.

لكن السؤال الذي قد يطرح هنا، هو “كيف يتعامل حزب الله مع هذا التحدي؟”، لا سيما بعد حديث نصرالله قبل أيام عن “الغضب” حين دعا أنصاره إلى الاحتفاظ بهذا الغضب للأيام اللاحقة من أجل منع جر البلاد إلى حرب أهلية، بحسب تعبيره.

وللإجابة على هذا التساؤل، رأى بعض المراقبين أن حزب الله بحديثه هذا أعاد التذكير بما حصل عام 2008، حين انتشر عناصره وبعض مؤيديه بالسلاح في شوارع بيروت، في رسالة تهديد ضد محاولات المس بشبكة هاتفية كان قد مررها لخدمة نشاطاته في حينه، في حين اعتبر الأستاذ في الجامعة اللبنانية الأميركية، عماد سلامة، أن حزب الله أضحى اليوم أضعف بكثير من السابق”.

وأوضح قائلاً للصحيفة: “لا أحد يشك بقدرته على السيطرة على البلاد عسكريا ولكن لن يكون قادرا على حكم البلاد والحفاظ على الانقلاب العسكري. لبنان متنوّع للغاية واقتصاده مرتبط بالدول الغربية… فاستقالة حكومة حسّان دياب المؤلّفة بالكامل من حلفاء حزب الله أظهرت أنه لا يمكن لإيران وحدها أن تنقذ لبنان ويجب أن يعود التوازن الذي تحقق مع مختلف اللاعبين الإقليميين”.

يأتي هذا في وقت تسعى الطبقة السياسية في البلاد إلى تأليف حكومة جديدة، تهدئ من غضب الشارع، المطالب بحكومة خارج تلك المنظومة التي حكمت لسنوات، في حين كرر نصرالله قبل يومين دعوته لحكومة يشارك فيها “الجميع” أو حكومة وحدة وطنية، في إشارة إلى الأحزاب!