Site icon IMLebanon

اعلان “مذكرة لبنان والحياد”.. الراعي: المكون الأول هو عدم دخول لبنان في محاور

أعلن البطريرك الماروني الماردينال ​مار بشارة بطرس الراعي​، في كلمة له خلال إطلاق “مذكرة ​لبنان​ والحياد الناشط”، أنه “كان من الضرورة ان نوضح مفهوم الحياد لأن ردة الفعل لم نكن بإنتظارها. ردة فعل عارمة مع بعض التساؤلات وكتب الكثير عن هذا الحياد ورأينا انه من الضروري ان نوضح للجميع رأينا بالموضوع”.

وأشار الراعي الى أن “المذكرة بسيطة وسريعة، وأبدأ بمعنى الحياد الناشط. هناك 3 أبعاد مترابطة ببعضها متكاملة: المكون الأول هو عدم دخول لبنان قطعيا في أحلاف وصراعات سياسية وحروب اقليميا ودوليا وامتناع اي دولة عن التدخل في شؤونه أو الهيمنة عليه أو احتلاله”.

وأضاف: “المكون الثاني هو تعاطف لبنان مع قضايا ​حقوق الانسان​ وحرية الشعوب وبخاصة الشؤون العربية التي يوجد حولها إجماع دولي وفي ​الامم المتحدة​ وبهذه الطريقة يواصل لبنان الدفاع عن حق ​الشعب الفلسطيني​ و​الفلسطينيين​ في لبنان”، مشددا على أن “لبنان المحايد يستطيع القيام برسالته في المحيط العربي”.

ولفت الى أن “ميزة لبنان هي التعددية الدينية والثقافية وتجعله حكما ارض التلاقي والحوار بين ​الديانات​ والثقافات عملا بقرارات الامم المتحدة. لبنان بموقعه دائما كان جسرا ثقافيا واقتصاديا وحضاريا بين الشرق والغرب”، لافتا الى أن “البعد الثالث هو تعزيز ​الدولة اللبنانية​ لنكون دولة قوية بجيشها ومؤسساتها وعدالتها ووحدتها الداخلية كي تضمن أمنها الداخلي من جهة وتدافع عن نفسها تجاه اي اعتداء يأتي سواء من ​اسرائيل​ أو غيرها”.

وقال الراعي: “لبنان عاش الحياد من العام 1920 إلى أوائل العام 1970 لأنه بحكم دستوره وميثاقه عام 1943 اعلنت حكومة الاستقلال ان لبنان يلتزم الحياد بين الشرق والغرب وشددت عليه عام 1945 ميثاق جامعة الدول العربية. هذا الميثاق أعلن ان لبنان دولة مساندة وليس دولة مواجهة فيكون لبنان عنصر تضامن بين العرب وليس عنصر تفكيك”، مبينا أن “فكرة الحياة كانت تعود بتعابير مختلفة على ألسنة رؤساء الجمهورية والحكومات المتعاقبة. حتى اعلان بعبدا تضمن بوضوح عبارة تحييد لبنان وارسل إلى الامم المتحدة وتم توزيعه كوثيقة رسمية من وثائق مجلس الامن”.

وشدد على أنه “بفضل هذه السياسة الحكيمة تمكن لبنان من المحافظة على وحدة أراضيه رغم الحروب العربية الاسرائيلية. فكل الدول المتاخمة لإسرائيل خسرت جزءا من اراضيها بإستثناء لبنان”.

وقال: “عندما توقفنا أن نكون مع الحياد، وصلنا إلى ما وصلنا إليه وكانت الخطيئة الاصلية اتفاق القاهرة وإعطاء الفلسطينيين حق محاربة اسرائيل من الاراضي اللبنانية وكرّت سبحة انحياز الدولة وفئات لبنانية إلى النزاعات العقائدية والسياسية والعسكرية والمذهبية في الشرق الأوسط. احتلت إسرائيل جنوب لبنان وسيطرت المنظمات الفلسطينية على الجزء الباقي وصولا إلى وسط بيروت، ثم دخلت القوات السورية لبنان ونشأ حزب الله حاملا مشروع الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأوجهه الديني والعسكري والثقافي.”

وقعت جميع هذه الأحداث بسبب خروج لبنان عن سياسة الحياد المتعارف عليها من دون نص دستوري. هكذا فقدت الدولة سلطتها الداخلية، والكيان سيادته الحدودية، والوطن دوره السياسي والصيغة توازنها، والمجتمع خصوصيته الحضارية. ونتجت عن هذا الاختلال صراعات جانبية داخلية لا تقل ضراوة عن الحروب الأساسية. وها لبنان يترنح حاليا بين الوحدة والانقسام.

وذكر الراعي أن “لبنان يستفيد من نظام الحياد فهو ينقذ وحدة لبنان ارضا وشعبا وتستعيد طوائفه الثماني عشر أمنها واستقرارها وتثق بعضها ببعض والحياد يجعل مشاركة جميع المكونات اللبنانية أكثر مرونة وأكثر إيجابية”، مضيفا: ” اقتصاد لبنان يستفيد من نظام الحياد بفضل الاستقرار. ان الاقتصاد اليوم على الحضيض بسبب عدم الاستقرار السياسي. لبنان خزنة الشرق الاوسط ذلك ان الاستقرار والامن يولدان الثقة والدول العربية تثق بالمصارف اللبنانية وقدرتها”.

وتابع أن “المستوى الطبي والاستشفائي العالي والمعدات الطبية هي ذات نوعية عالية ولذلك يشكل لبنان مركزا طبيا للشرق الاوسط. أما القطاع الثالث الذي سيستفيذ من الحياد هو القطاع السياحي فإذا تأمن الامن والاستقرار يبقى لبنان مركزا سياحيا. أما القطاع الرابع المستفيد هو قطاع التربية بسبب المستوى العلمي العالي وبخاصة على المستوى الجامعي فالعرب يفضلون لبنان على الدول الاوروبية. وخامس قطاع هو استثمار المغتربين في لبنان. فإذا لا يوجد إستقرار، لن يكون هناك أي لبناني مستعد للعودة إلى لبنان والاستثمار فيه”.

ورأى أن “لبنان يستفيد من الحياد بفضل انتمائه إلى العالم العربي ويتحول لبنان محور مشروع الاتحاد المتوسطي والمكان الذي تتقاطع به مصالح الجميع فالشراكة الاوروبية والاتحاد المتوسطي مشروعان حيويان في لبنان”، داعيا ” الاسرة العربية والدولية الى ان تتفهم الاسباب الموجبة التاريخية والامنية والسياسية التي تدفع غالبية اللبنانيين إلى اعتماد نظام الحياد الناشط وان تقر منظمة الامم المتحدة نظام الحياد”.

وأكد أن “لبنان بحكم نظامه ميزة تعدييته المنظمة في الدستور وبحكم موقعه على ضفة البحر المتوسط هو صاحب دور في تعزيز السلام والاستقرار في المنطقة والدفاع عن حقوق الشعوب وتحقيق المصالحة بين الدول العربية”، لافتا الى أن “البعد الثالث في مطلبنا هو ان لبنان يحتاج كي يستمر ان تجد منظمة الامم المتحدة حلا لوجود اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين على ارضه”.