كتب رضوان مرتضى في “الاخبار”:
بدأ المحقق العدلي القاضي فادي صوان التحقيق في جريمة تفجير المرفأ، ليفتتح الملف باستجواب المدير العام للجمارك الموقوف بدري ضاهر. غير أنّ لغطاً حصل في بداية النهار، إذ إنّ وكلاء الموقوفين ضاعوا في مكان الاستجواب حيث قصدوا قصر العدل في بيروت، لكنهم لم يعثروا على المحقق العدلي، ليبلغهم النائب العام التمييزي غسان عويدات أنّ القاضي صوّان موجود في المحكمة العسكرية، قبل أن يتبين أن وزيرة العدل ماري كلود نجم سافرت على عجل ليل الأحد من دون أن تكلّف كاتباً ليكون مع المحقق العدلي، فقرر القاضي صوّان الاستعانة برتيب من الشرطة العسكرية ليكون الكاتب. وقد انعقدت الجلسة في المحكمة العسكرية حيث استمرّ الاستجواب على مدى أربع ساعات ونصف ساعة، نفى فيها ضاهر أي مسؤولية له عن العنبر الرقم ١٢ ونيترات الأمونيوم التي في داخله. وأبلغ ضاهر القاضي الذي استجوبه أنّ هذه المواد تخضع لحراسة قضائية، وأنها موجودة في عهدة المديرية العامة للنقل البري والبحري في وزارة الأشغال. واعتبر ضاهر أنّ لا صلاحية لديه لإتلافها ولا سلطة له عليها، على اعتبار أن العنبر الرقم ١٢ ليس مستودعاً جمركياً، وأنّ هناك مستودعات تُشرف عليها الجمارك خارج المرفأ تُسمى عنابر وهمية تسري عليهاي مفاعيل المادة ٢٠٥ من قانون تنظيم الجمارك الت تُتيح إتلاف المواد الخطرة الموجودة في داخلها.
وعلمت «الأخبار» أنّ ضاهر أبلغ المحقق العدلي أنّ قوة من اليونيفل أجرت مسحاً أمنياً لسفينة روسوس التي كانت تحمل شحنة نيترات الأمونيوم عام 2013، وأخضعتها للتفتيش لدى دخولها المياه الإقليمية اللبنانية، إلا أنها لم تعتبر نيترات الأمونيوم من المواد المحظورة، علماً بأنّ قوات اليونيفل تقوم بدوريات تفتيش في المياه الإقليمية تطبيقاً للقرار 1701 وللتثبت من عدم دخول أسلحة. وغاص المحقق العدلي في تفاصيل الصلاحية والمراسلات التي أجريت مع القضاء وقصة دخول السفينة ومسؤولية الجمارك عن العنبر.
ولدى الانتهاء من الاستجواب، انتقل القاضي صوان إلى مرفأ بيروت لمعاينة مسرح الجريمة قبل أن يصدر مذكرة توقيف وجاهية بحق ضاهر. وعلمت «الأخبار» أنّ القاضي صوّان كان في صدد استجواب كل من بدري ضاهر والمدير السابق للجمارك شفيق مرعي، إلا أنه لم يتمكن لضيق الوقت. لذلك تقرر الاستماع إلى إفادة كلّ من مرعي ورئيس اللجنة المؤقتة لإدارة واستثمار المرفأ، حسن قريطم، اليوم.
كذلك تسلم المحقق العدلي ورقة الطلب من النيابة العامة التمييزية مرفقة بمحضر المباحث الجنائية ومحضر فرع المعلومات ومحضر الشرطة العسكرية. وتبين أنّ الملف الذي توجد فيه إفادات عدد كبير من الشهود تضمّن ادعاءً على ٢٥ شخصاً، بينهم الضباط المسؤولون عن أمن المرفأ في مديرية المخابرات في الجيش والأمن العام وأمن الدولة. وطلبت النيابة العامة من المحقق العدلي إصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقهم. واعتبرت النيابة العامة التمييزية أن المدّعى عليهم أقدموا قصداً على إدخال مواد خطرة قابلة للتفجير خلافاً لأحكام القانون التي تحظر إدخالها وقاموا بوضعها، بالاشتراك والتدخل، تباعاً وتعاقباً، كل بحسب وظيفته، في أحد العنابر في مرفأ بيروت مع مواد أخرى، منها عادية ومنها خطرة لجهة اشتعالها السريع (ميتينول ومفرقعات وفتائل إشعال وكيروسين)، من دون اتخاذ أي إجراء أو فعل يحول دون امتزاجها طوال سنين، وصولاً إلى انفجارها، مع علمهم اليقين بخطورتها. فقبلوا جميعاً مع من يظهره التحقيق بالمخاطرة بإمكانية انفجارها وإحداثها الضرر بالحجر والبشر من خلال عدم اتخاذهم تدابير السلامة العامة والأمن وأي تدبير فعلي على الارض يحول دون الكارثة وفق الصلاحيات المعطاة لعدد منهم بحكم القانون بالنظر إلى مسؤولياتهم الوظيفية ما تسبب بحصول الانفجار بشكل «رهيب يتجاوز حدود الخيال»، فأدى إلى استشهاد ١٧٧ شخصاً وجرح أكثر من ٧ آلاف وفقدان آخرين. واعتبرت النيابة العامة أن هذا التفجير تسبب في اهتزاز الأمن القومي للوطن، وجعل عاصمته عاصمة منكوبة. كذلك لم تستبعد النيابة العامة فرضية حصول عمل عدواني أو إرهابي.
ولاحقاً، أبلغت المديرة العامة لوزارة العدل، القاضية ميسم النويري، القاضي صوان أنه جرى تكليف كاتب من قبل وزيرة العدل ليرافقه أثناء الاستجوابات.