تشكل عملية ترسيم الحدود بالنسبة الى لبنان سواء كانت مع سوريا او اسرائيل جوهر الخلاص لما يعانيه من مشكلات امنية ومالية، اذ لطالما كانت العواصف العابرة اليه عبر هذه البوابات هي المنبع لكل ما عاناه عبر تاريخه الحديث من مشكلات.
وبغض النظر عما خلفه اللجوء الفلسطيني سابقا الى اراضيه من احداث عسكرية ولاحقا النزوح السوري من اعباء مادية، تبقى قضية ترسيم حدوده البرية والبحرية مع اسرائيل هي الشغل الشاغل له وللعالم نظرا لما تشكله من هز لاستقرار المنطقة التي تتجه راهنا الى التسويات على ما تؤشر اليه الاتفاقيات التي تعمل الولايات المتحدة الاميركية على التوصل اليها بين تل ابيب والدول الخليجية.
واذا كانت قضية ترسيم الحدود جنوبا مع سوريا حول الاراضي المتنازع عليها في تلال كفرشوبا ومزارع شبعا غير مطروحة راهنا، تبقى قضية تسوية النزاع مع الجانب الاسرئيلي على الملف الحدودي بجزئيه البري والبحري موضوعة على نار حامية بعد عودة الادارة الاميركية الى تحريك هذا الملف من زاوية الاهتمام بمعالجة الازمة اللبنانية ووضعها على سكة الحل الجذري وفصلها عن صراع المحاور الدائر في المنطقة بدعم عودته الى الحياد الذي تتسع دائرة المؤيدين له والذي فصّله البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ودعا اليه كونه يعكس شعور ومواقف غالبية المكونات اللبنانية ويحيي المعادلة الميثاقية لاستقلال لبنان القائلة لا للشرق والغرب ولبنان ليس مقرا ولا ممرا لاي من الجماعات والدول الخارجية.
كل ذلك على ما تقول الاوساط لـ”المركزية” يبقى مرهونا بمدى الايجابية التي يحققها الجانب الاميركي على خط ترسيم الحدود جنوبا مع الطرف الاسرائيلي الذي يعترف ان الموضوع وصل الى خواتيمه. اذ ينقل زوار عين التينة اننا على بعد ايام او اسابيع للاعلان عن وضع آلية لترسيم الحدود سوف تؤشر اليها العودة المرتقبة للوسيط الاميركي دايفيد شينكر خصوصا ان المحادثات مع مساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط السفير دايفيد هيل امست كل حدود الاتفاق الممكن للجانب اللبناني القبول به بما فيها النقاط المتنازع عليها برا وبحرا.