IMLebanon

التصدير مُحاصر: مرفأ مُدمّر وترانزيت مُقفل

كتبت رنى سعرتي في “الجمهورية”:

إنّ إعادة تفعيل النقل البري بين لبنان وسوريا وإزالة كل العوائق امام حركة الترانزيت، أبرزها الرسوم السورية المرتفعة، هي أولوية يجب على الدولة اللبنانية معالجتها لتعويض جزء من حركة التصدير المشلولة عبر مرفأ بيروت، خصوصاً انّ الجانب السوري أبدى استعداده الكامل لمساعدة لبنان بعد الكارثة التي أصابته.

في عزّ الانكماش الاقتصادي الذي تعانيه القطاعات كافة، أدّى انفجار مرفأ بيروت الى إصابة ما تبقّى من دورة اقتصادية في البلاد، بالشلل، حيث توقفت عمليات الاستيراد والتصدير عبر المرفأ الرئيسي، ودخل التجار والصناعيون وكافة المصدّرين في حالة من الضياع نتيجة الفوضى التي حلّت بالجمارك وشركات الشحن ومخلّصي البضائع بالاضافة الى إشكالية كبرى وعوائق عدّة تصعّب عملية التحوّل نحو مرفأ طرابلس.

بغضّ النظر عن الخلافات القائمة بين مختلف المدراء والنقابات العاملة في مرفأ بيروت حول مؤيّد ومعارض لتحويل كافة عمليات الاستيراد والتصدير الى مرفأ طرابلس حيث يعمل البعض لعرقلة هذا التحوّل في حين يشجّع البعض الآخر هذا الامر، فإنّ الضحية تتمثّل في المصدّرين الذين يعوّل عليهم الاقتصاد الللبناني حالياً لتدفق العملة الصعبة الى البلاد.

لكنّ عدم وجود أي ترابط للبيانات الجمركية إلكترونياً بين كافة المرافئ في لبنان يصعّب بشكل كبير عمليات الاستيراد والتصدير عبر مرفأ طرابلس او غيره. يستوجب فقدان البيانات (data) التابعة للجمارك وشركات الشحن ومخلّصي البضائع في مرفأ بيروت، من الشركات المصدّرة والمستوردة إعادة جمع كل المعلومات والبيانات المطلوبة لإتمام اي عملية استيراد او تصدير، خصوصاً انّ جزءاً كبيراً من العمل في مرفأ بيروت لا يعتمد على نظام المكننة ولا يزال إتمام الاعمال الادارية والجمركية يعتمد على توثيق المعلومات ورقيّاً.

ونتيجة الاجراءات البيروقراطية المطلوبة، تتم عرقلة وتأخير عملية التحوّل نحو مرفأ طرابلس لتخليص حمولات السفن التي تم تحويلها الى طرابلس او لتصدير البضائع من هناك.

النقل البري

في المقابل، لا تزال أزمة التصدير البري الذي يمكن ان يكون بديلاً لمرفأ بيروت في ما يتعلّق ببعض صادرات المنتجات الصناعية والزراعية لعدد من الدول قائمة، لأنّ الحكومة السبّاقة رغم مناشدات المعنيّين، لم تعطِ هذا الملف الاهتمام اللازم رغم الانعكاسات الايجابية التي يمكن ان يضفيها على الاقتصاد الوطني، ولم تتواصل مع الجانب السوري للتوافق حول خفض رسوم العبور المستوفاة عن الشاحنات اللبنانية، والتي تشكلّ العائق الرئيس امام التصدير البري.

ومنذ إعادة فتح معبر نصيب في تشرين الاول 2018، ارتفعت الرسوم الجمركية السورية المفروضة على التصدير البري عبر سوريا بنسبة هائلة لتزيد حوالى 150 دولاراً الى 1200 دولار للشاحنة الواحدة (وفقاً لحجم الحاوية).

ورغم انه تمّ تشكيل لجنة زراعية مشتركة بين لبنان وسوريا منذ نيسان 2019 للبحث في كلفة الترانزيت البري عبر سوريا، لم يتم لغاية اليوم التوصّل الى اتفاق بين البلدين حول هذا الموضوع.

في هذا الاطار، ناشَد الوزير السابق فادي عبود رئيس الجمهورية ميشال عون إعطاء موضوع تفعيل النقل البري الانتباه وإرسال لجنة لحلّ العقد والعوائق، وقال لـ»الجمهورية» انه بعد انفجار مرفأ بيروت أبدى الجانب السوري استعداده الكامل لمساعدة لبنان، «من هنا علينا تشكيل لجنة أو وفد رسمي يُفاوض، باسم رئيس الجمهورية، الجانب السوري لمساعدتنا من خلال خفض كلفة الترانزيت عبر سوريا، والتي هي اكبر كلفة على الكرة الارضية».

ولفت عبود الى انّ الاردن يشكّل عائقاً اليوم امام النقل البري وحركة الترانزيت، حيث انه منع بشكل كامل دخول أي شاحنة لبنانية الى الاردن «بحجّة كورونا»، علماً انه لا يوجد اي بلد في العالم أوقف حركة الترانزيت البري بسبب هذه الجائحة. ورأى انه يجب التواصل مع الجانب الاردني لحلّ هذه المشكلة ايضاً. «وفي حال عدم التجاوب مع المطلب اللبناني، يمكننا المبادرة بالتصعيد عبر تصعيب عملية دخول البضائع الاردنية الى لبنان وفرض حواجز غير جمركية».

وأشار عبود الى انّ تفعيل التصدير البري وإزالة كافة المعوّقعات يساهمان بشكل كبير في دعم الصادرات اللبنانية، حيث انّ حجم الصادرات الى العراق، على سبيل المثال، يمكن ان يزيد 10 أضعاف لغاية نهاية العام 2021 في حال تمّ خفض رسوم الترانزيت، لافتاً الى انّ كلفة التصدير البري لحاوية (40 قدماً) الى العراق تبلغ اليوم حوالى 8000 دولار، في حين انّ الكلفة الطبيعية لا يجب ان تتعدى 2000 دولار.