كتب طوني أبي نجم في “نداء الوطن”:
كان مُفيداً جدّاً لرئيس “التيّار الوطني الحرّ” النائب جبران باسيل أن يكون استمع إلى خطاب الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله، ليطمئن إلى تماسك الأمين العام في مواجهة كل العقوبات والضغوط الغربية التي وصلت إلى حدّ ازدحام البارجات والجيوش الغربية في مرفأ بيروت.
لم يعد لدى صهر العهد أي خيار غير وضع “كل بيضاته في سلّة الحزب”. مساعد وزير الخارجية الأميركية دايفيد هيل رفض لقاء باسيل في رسالة فاقعة الوضوح، وكانت الإدارة الأميركية استبقت وصول هيل إلى بيروت بتسريب شبه رسمي عبر صحيفة “وول ستريت”، بأنّ اسم جبران باسيل سيكون على رأس قائمة العقوبات المقبلة. هكذا استسلم باسيل لقدره، وأعلن أنه مستعدّ للعقوبات ولن يطعن بـ”حزب الله”!
بدا باسيل كمقاتل في “الحزب” يحمل جهازاً لاسلكياً في مؤتمره الصحافي ويتّصل بالسيد نصرالله “من باسيل إلى نصرالله بدّل… عليك أن تعتمدني مرشّحك الأوحد للرئاسة”!
ظهر جبران باسيل منكوباً في السياسة أكثر من بيروت الشهيدة. بيروت عانت من انفجار هائل، وباسيل يُعاني من حرب كونية عليه وعلى تياره وعلى العهد. كما كان واضحاً التناغم بين باسيل ونصرالله، سواء في قرار المواجهة مع إدارة الرئيس دونالد ترامب والرهان على فوز المرشح الديموقراطي جو بايدن، ما سيؤدّي بحسب القراءة المشتركة لباسيل ونصرالله إلى انتصار مِحور إيران- سوريا المدعوم من روسيا والصين، برغم ما في هذه القراءة من سطحية وعدم إلمام بالحدّ الأدنى من المعطيات الدولية، لا لناحية عدم حسم نتائج الإنتخابات الأميركية، ولا لناحية غباء الرهان على تغيير جذري يجريه جو بايدن عبر العودة إلى الإتفاق النووي مع إيران، ولا لناحية قراءة حقيقة الموقفين الروسي والصيني من كلّ ما يجري، تماماً كالرهان الخائب على “التوجّه شرقاً”!
يلعب باسيل، كما نصرالله، على قاعدة “صولد وأكبر”، ولذلك لا يكتفيان بالرهان على متغيّرات إقليمية ودولية، بل يعمدان إلى تهديد الداخل: نصرالله يُهدّد بـ”حرب أهلية” وباسيل يُهدّد بتحرّك ميليشيوي على الأرض، في تناغم لافت في عزّ انتفاضة اللبنانيين ونقمتهم على كل الطبقة الحاكمة. هذا التناغم الذي ظهر جلياً في محاولة منع إسقاط الحكومة أولاً، ومن ثم رفض أي بحث في انتخابات نيابية مبكرة باعتبار أنّها “مؤامرة”، من دون أن يشرح كلّ من نصرالله وباسيل كيف يمكن لأي انتخابات مبكرة أن تُشكّل مؤامرة، إلا إذا كانا على ثقة بأنّ اللبنانيين سيغيّرون الأكثرية الحاكمة التي يتحكّم بها “حزب الله” ولذلك يعتبر الإنتخابات المبكرة “مؤامرة” عليه!
المواجهة باتت واضحة المعالم: “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” تحديداً اختارا مواجهة المجتمعين العربي والغربي إنطلاقاً من الإصطفاف في المِحور الإيراني والرهان على تغيّر المعادلات الدولية بعد الانتخابات الأميركية، في مقابل الأكثرية الساحقة من اللبنانيين الرافضين لسياسة الإنخراط في المحاور، والمُصرّين على عودة لبنان الطبيعية إلى الحضنين العربي والدولي، الكفيلين بإنقاذ لبنان من الإنهيار المالي والإقتصادي وإعادة إعمار ما تدمّر نتيجة إنفجار مرفأ بيروت!
إنّها المواجهة الكبرى داخلياً والتي تترافق مع المواجهة الكبرى خارجياً التي قد تقود لبنان بالفعل إلى الحرب الأهلية، لا سمح الله، وذلك في حال أصرّ “حزب الله” على المكابرة والتصرّف على قاعدة هدم الهيكل على رؤوس الجميع لمحاولة إبقاء لبنان رهينة للمصالح الإيرانية في معركتها الكبرى!
من باسيل إلى نصرالله… بدّل: سأخوض بحر العقوبات معكم، ولن أطعن بكم في مقابل الكرسي!