IMLebanon

الكرة في ملعب “الحزب”: هل يتواضع إنقاذاً للبنان ونفسه؟

أما وقد قالت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان كلمتها في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، مثبتة مهنيتها وحيادها عبر حصرها حكمها بشخص واحد هو سليم عياش وتبرئتها المتهمين الثلاثة الآخرين لعدم كفاية الدليل، فإن العيون تشخص اليوم الى وقع القرار على الحياة اللبنانية السياسية المعقدة. فالجريمة سياسية بامتياز، ونفّذها منتمون الى فريق سياسي سمّاه الحكم بالاسم اي حزب الله، وهذه حقيقة غير قابلة للشك الا لدى معتنقي منطق “عنزة ولو طارت”…

سعد الحريري بما ومن يمثّل، لم يتأخّر في تحديد موقفه “نقبل بالحكم وعلى حزب الله هذه المرة، التضحية”. بحسب ما تقول مصادر سياسية سيادية مراقبة لـ”المركزية”، هو لم يدعُ الى ثأر ولم يطالب بالتصعيد ضد حزب الله ولا بعزله، ولا أدانَه وقطع العلاقات معه. جلّ ما طالب به، ان يتواضع الحزب الذي ثبت ان شبكة تنفيذ الاغتيال، خرجت من صفوفه. على اي حال، مخطئ من يعتقد ان الرجل، وريث رفيق الحريري – حامي المقاومة والمدافع الاول عنها في المحافل الدولية واكبر الحريصين على السلم الاهلي – يمكن ان يقول شيئا آخر.

مرة جديدة، مدّ سعد الحريري اليد للحزب، وإن بحذر أكبر. فهل سيلاقيه الاخير في منتصف الطريق؟ هذا هو السؤال الاكبر اليوم. في الواقع، ما مدّه الازرق للاصفر امس، هو طوق نجاة الاخير، الذي يتعرض اليوم لاستهداف وحصار دولي وغربي وعربي غير مسبوق. والحزب يدرك ان اي طرف غير قادر على حمايته اليوم كما قد يفعل الحريري، ولذلك يتمسّك بعودته الى السراي.

لكن الضاحية دأبت على سياسة استنزاف الحريري، بمعنى انها كانت تستفيد منه ومن “لحافه” الاقليمي – الدولي، حتى الرمق الاخير، مجانا ومن دون اي مقابل، حتى انها كانت لا تتردد في حرق صورته والاكل من رصيده الشعبي المحلي وذلك الخارجي، عبر المشاركة في حكومات يرأسها ومن ثم “الفتح على حسابها” استراتيجيا وسياسيا، فترسل اعضاء الحزب للقتال في سوريا والبلدان العربية وتفتح النار في شكل شبه يومي على القيادات العربية والخليجية ضاربة عرض الحائط سياسة النأي بالنفس.

هذا “القضم” التدريجي الاصفر لـ”ثوب” الحريري، لن يرضى به الاخير بعد اليوم. هو اصلا تمرّد عليه غداة  17 تشرين، وطواه نهائيا وبشكل حاسم بعد الحكم امس… الكرة اليوم اذا، في ملعب حزب الله. هو بالطبع لن يذهب الى حد تسليم سليم عياش، لكن المطلوب منه اظهار حسن نية وملاقاة “كِبر” الحريري، ليس انقاذا  للبلاد الغارقة في أخطر ازماتها الاقتصادية والمالية والمعيشية والاجتماعية، بل انقاذا لنفسه ايضا! فكيف يكون ذلك؟

بعدم القنص على قرار المحكمة اولا، وبالتجاوب مع شروط الحريري “الحكومية” ثانيا. الاخير قد يطرح اسما آخر لرئاسة الحكومة العتيدة، وعلى الحزب ان يرضى بذلك. كما انه قد يتمسك بحكومة اختصاصيين حياديين، تنكب على الانقاذ بعيدا من “سيطرة” الاحزاب.. وهنا، على الضاحية ان تدرك ان الحريري لن يغدر بها ولن يطعنها، وقد أثبت في اكثر من محطة انه ليس من الطينة هذه… فهل يقبل الحزب اليوم، احتراما لموقف “الازرق”، وامام هول الأزمة اللبنانية، بوضع الماء في نبيذه، وتسهيل التشكيل؟ الخوف ان يكون الجواب سلبيا، نظرا ايضا الى سجلّ الحزب غير المشجّع في هذا المجال، والذي يؤكد بوضوح انه في كلّ مرة يبدّي مصلحة المحور وايران، على مصلحة لبنان…