كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
أعلنت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، في جلسة النطق بالحكم في قضية استشهاد الرئيس رفيق الحريري و21 آخرين، أن سليم عياش “مذنب بصفته شريكاً في المؤامرة وارتكاب عمل ارهابي باستعمال ادوات متفجرة، وتهمة قتل الحريري عمداً وقتل 21 شخصاً، ومحاولة قتل 126 شخصاً”. وقررت أن “حسن مرعي وحسين عنيسي وأسد حسن صبرا غير مذنبين في جميع التهم المسندة إليهم”. وحددت 21 أيلول، موعداً لإصدار العقوبة بعد صدور الحكم أمس.
في قراءة أولية لبعض المتابعين لعمل المحكمة والمشككين بمصداقيتها أن جلسة المحكمة الدولية كانت تنقصها الأدلة التي لا يرقى اليها أدنى شك، في حين أنها جاءت جلسة مبنية على الشك الذي دائماً ما يفسر لمصلحة المتهم. يرى هؤلاء أن جلسة الأمس لم تتوافر فيها أدلة دامغة سوى دليل الإتصالات الذي له بعض الموثوقية في جزء منه، وفي جزئه الآخر يفتقد الى الموثوقية. وقد تقدمت الرواية السياسية التي قدمها الإدعاء كخلفية وذلك بناء على الخلاف السياسي او التباين في الآراء، الذي كان سائداً بين الرئيس رفيق الحريري وخصومه السياسيين واعتبرها شيئاً من الأدلة، لكن الغرفة إعتبرت الرواية السياسية ليست أدلة جنائية. ومجرد إدانة سليم عياش يعني ان المحكمة أبقت “حزب الله” ضمن دائرة الإتهام السياسي.
وطالما حكم المحكمة الذي صدر بحق سليم عياش كان حكماً غيابياً يُطرح السؤال لمعرفة في ما إذا كان الحكم الغيابي قابلاً للطعن عن طريق الاستئناف أم لا؟
يؤكد المحامي جاد يوسف خليل أن المحكمة الخاصة بلبنان تطبق في الاصل القانون اللبناني على الجرائم المنصوص عليها في المادة 2 من نظامها الاساسي، وتستند المحكمة حصراً الى القانون اللبناني في ما يتعلق بالجرائم الداخلة ضمن اختصاصها، وأيضاً في ما يتعلق بأشكال المسؤولية المنصوص عليها في المادة 3 من النظام الاساسي. لافتاً الى أن ممارسة حق الاستئناف واردة بدءاً من المادة /208/ لغاية المادة 211.
فإن المادة /208/ تنص أن على المدعى عليه، المحكوم عليه، ان يستأنف الحكم البدائي، سواء لجهة قضائه بالعقوبة أو بالتعويض. وإنّ الاحكام القابلة للاستئناف محدّدة في المادتين /212/ و /213/. كما ان الشروط الشكلية لقبول الاستئناف معزّزة من المادة /214/ وصولاً الى المادة /218/.
وفي قواعد الاجراءات والاثبات تنص المادة /177/ على آلية تقديم الاستئناف خلال ثلاثين يوماً من تاريخ النطق بالحكم من قبل المدعي العام وأي فريق آخر. ولغرفة الاستئناف او للقاضي الرئيسي الدعوة لجلسة في الاسابيع الستة التي تلي ايداع طلب الاستئناف، ومن ثم الاسابيع الثمانية التي تلي الجلسة التمهيدية الاخيرة للاستئناف (المادة 181).
بعد انقضاء مهلة ايداع المذكرات المنصوص عليها في المواد /181/ – /183/ و /184/ خمسة وسبعين يوماً، لأيّ فريق أن يقدم استئنافه من تاريخ طلب ايداع الاستئناف من قبل فريق آخر، أو ستين يوماً بعد ايداع مذكرة المستأنف، عندئذٍ، تعيّن غرفة الاستئناف موعد الجلسة ويبلغ رئيس قلم المحكمة الفرقاء بذلك (المادة 185). والملفت للنظر، أنه سنداً الى المادة (188)، يجوز لمحكمة الاستئناف عندما تقتضيه مصلحة العدالة، أن تأمر بمحاكمة المتهم من جديد من قبل غرفة الدرجة الاولى. أما وقد حددت المحكمة تاريخ 21 أيلول لإصدار العقوبة بحق سليم عياش، وبما أن الثلاثة الآخرين صدر بحقهم حكم البراءة، فيجوز للمدعي العام إستئناف حكم البراءة الصادر عملاً بأحكام المادة 162 في غضون ثلاثين يوماً من تاريخ النطق بالحكم، أي ابتداء من اليوم، وقد بات بحكم المؤكد نية المدعي العام إستئناف حكم البراءة بحقهم وقد يستأنف حكم عياش لاحقاً إذا لم تعجبه العقوبة.
أما بالنسبة الى المتهم سليم عياش الذي أدين فيجب إنتظار جلسة النطق بالعقوبة حتى يتم التقدم بعدها بالإستئناف. وقد باشر فريق الدفاع عن عياش دراسة إمكانية التقدم بطلب إستئناف الحكم لأنه يعتبره حكماً ظالماً وهناك أدلة كافية تنقض السياق الذي عرضته غرفة الدرجة الأولى. وكان هذا الفريق قدم أدلة تؤكد وجود عياش في المملكة السعودية لأداء فريضة الحج العام 2005، وأنه لم يكن في طرابلس مع الجهة التي اشترت سيارة الميتسوبيشي ويعتبرون انها أدلة كافية أقوى من أدلة داتا الإتصالات، مع وجود أدلة ثانية لديه لم يتحدث عنها بعد. وبحسب المادة 178 من قواعد الإجراءات والإثبات فإن غرفة الإستئناف وحين يصلها الطلب تحدد وقتاً لتستمع الى فريق الدفاع، علماً ان مكتب المدعي العام في المحكمة الدولية بدأ مراجعة دقيقة لما توصلت اليه غرفة الدرجة الأولى.