غداة إصدار المحكمة الدولية الخاصة بلبنان حكمها في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، والذي ترك ردات فعل متناقضة ومخالفة لكل التوقّعات بين الجمهور المؤيّد للمحكمة والمعترض عليها، عاد الاهتمام الرسمي إلى الملفات الراهنة، لا سيما بالنسبة إلى تداعيات انفجار مرفأ بيروت وملف تشكيل حكومة «غير عادية».
وفي أول تحرّك رسمي على صعيد تشكيل الحكومة، التقى رئيس البرلمان نبيه بري، المتحمس لعودة الرئيس سعد الحريري الى الحكومة، رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي يتحفّظ على عودة الحريري.
وكشفت مصادر مطلعة عن أن زيارة بري لعون هدفت الى تأكيد نقاط ثلاث: الوضع السياسي والاقتصادي لم يعد يحتمل المماطلة والتأجيل، الحريري هو رجل المرحلة، وضرورة الإسراع في بدء الاستشارات النيابية الملزمة للتكليف.
وتضيف المصادر: إن النقاش تطرّق الى البحث في هوية الرئيس العتيد وبرنامج عمل الحكومة الإصلاحي وهويتها وشكلها، وان بري طرح اسم الحريري كأفضل خيار، على ان يتولى مهمة إقناع الاخير بتخفيف شروط، كان وضعها للعودة، وبالعمل على إقناع حزبي القوات اللبنانية والتقدمي الاشتراكي بالقبول، لا سيما أنهما يمانعان من عودة الحريري في هذه الظروف، ويؤيدان قيام حكومة مستقلة وحيادية.
وتزداد القناعة بأن عملية تشكيل الحكومة هي اليوم اكثر من أي وقت مضى رهن التجاذبات الإقليمة الدولية، ما يعني بالتالي ان أي تحرك داخلي لن يفضي الى أي تطور، ما لم تحصل متغيّرات تدفع الى تقديم تنازلات. وتتابع المصادر ان الأنظار كانت متجهة الى كلمة الحريري بعد صدور الحكم في جريمة اغتيال والده لرصد موقفه من المرحلة المقبلة، وهو أبدى تشددا من دون إغلاق الباب نهائيا أمام تسوية، ومن هنا إشارته الى أنه لم يعد بإمكانه تقديم المزيد من التضحيات، ما يضع الكرة في ملعب «حزب الله»، الذي يُنتظَر منه موقفٌ بعد «إدانته» في جريمة الاغتيال سينعكس حتماً على تأليف الحكومة.