IMLebanon

الانفجار دمّر منزل إيلي صعب: نجونا وكلّنا بخير!

كتب روي أبو زيد في “نداء الوطن”:

في شارع الجميزة في بيروت، لم يوفّر انفجار المرفأ الضخم أي مبنى لا سيما تلك المميزة بهندستها التراثية، بينها منزل مصمم الأزياء اللبناني العالمي إيلي صعب.

وفي أول زيارة له إلى المنزل بعد أسبوعين من وقوع الانفجار، يعاين صعب الأضرار ويتبادل الحديث مع موظفيه، مكتفياً بالقول “الحمدلله أنّ الجميع بخير”.

وتسبب عصف الانفجار باقتلاع الأبواب الخشبية من مكانها التي تحولت ألواحها الخشبية ركاماًَ وضع جانباً بينما فقدت قناطر المنزل معالمها… فتحطم زجاجها وسقطت قطع حجارة كبيرة منها.

وتُظهر صور للمنزل، الذي يعود بناؤه إلى مطلع القرن العشرين، في مجلة مختصة بالهندسة المعمارية في 2009، قاعة واسعة في وسطها عمودان رخاميان وعلى جانبيها أبواب خشبية بيضاء. أما واجهتها فعبارة عن نوافذ كبيرة على شكل قناطر، وتتوسطها ثريّا كبيرة على النمط العثماني.

أما اليوم، فبات العمودان عبارة عن قطع حجرية ضخمة متساقطة، والنوافذ وكأنها لم تكن موجودة أساساً. ولا تتدلى من السقف إلا كابلات كهربائية.

ولا يزال بلاط الأرضية القديم الملون ومرآة كبيرة أثرية مزخرفة بالصدف على النمط الدمشقي، شاهدين على فخامة المنزل. وتشير مصادر قريبة من صعب في حديث لـ”نداء الوطن” الى أنّه عند وقوع الانفجار “سارع للتأكد من أن موظفيه الذين يبلغ عددهم 200 موظف بخير ولم يصابوا بأذى”، مردفاً أنّ صعب رأى ابنه مجروحاً فخالطته مشاعر القلق والغضب لكنه قال بعدها: “الحمدلله أنّ ايلي جونيور قد نجا”.

وتضيف المصادر أنّ “لحظة الانفجار مرّت كالدهر على صعب خصوصاً وأنّ الموظفين كافة يعاملون وكأنهم في بيتهم، لذا تفقّد المصمم العالمي كلّ واحد منهم”، مردفة أنّ “صعب وككل الذين يعيشون في منطقة قريبة من الزلزال، شعر وكأنّ الانفجار وقع على عتبة بابه”. وإذ يعتبر صعب أنّ ما حصل “كابوس بشع جداً”، يشير الى أنّ “الانفجار أعادنا بالذاكرة الى الحرب الأهلية والدمار الذي خلّفته”، خصوصاً وأنه عاش في منطقة عين الرمانة، عند خطوط التماس في بيروت.

ويقول للمقرّبين منه: “عدنا الى التفاصيل عينها، والرائحة نفسها وشهدنا مجدداً على رؤية الغبار المنبعث والركام على الطرقات والبيوت المهدّمة”، ليجزم قائلاً: “لم أرد أن أعيش هذه التجربة مرة أخرى!”

وأسفر انفجار مرفأ بيروت عن مقتل 177 شخصاً وإصابة أكثر من 6500 آخرين. ونجم، وفق رواية السلطات والمصادر الأمنية، عن 2750 طناً من نيترات الأمونيوم كانت مخزنة بطريقة عشوائية.

منذ كان لبنان تحت حكم السلطنة العثمانية ثمّ الانتداب الفرنسي (1920-1943)، بقيت الأبنية الأثرية في منطقتي الجميزة ومار مخايل ومحيطهما صامدة وإن ترهّلت بعض الشيء. لكن خلال ثوان فقط، تبدّل المشهد كلياً مع انفجار تعادل قوته زلزالاً شدته 3,3 درجات على مقياس ريختر. ويقول جون زينون، مساعد صعب: “هذا المكان كان ينبض بالحياة، أما اليوم فلم تعد لديه واجهة أساساً، وبات من الممكن رؤية محتوى البيت بسهولة من الخارج”.

واقتصر الحاضرون في المنزل لحظة دوي الانفجار على عدد من الموظفين، وفق زينون الذي يحتفظ بشريط فيديو يُظهر الأضرار في قاعة المنزل الرئيسية مباشرة بعد الانفجار، وقد غطى الزجاج والحجارة والمفروشات والأبواب المحطمة الأرض.

واشترى صعب منزله في الجميزة العام 2006 وعمل على ترميمه وتحسينه بإشراف المهندس شكيب ريشاني. ويشرح علي جفال، المسؤول الإعلامي في فريق صعب، أن الأخير أراد أن يحافظ على الطابع التراثي للمنزل من حيث هويته وهندسته المعمارية.

ويقول “كان البيت ملتقى خلال جميع مناسباته واحتفالاته الاجتماعية على الصعيدين المحلي والعالمي”.

ويقع مشغل وصالة عرض المصمم اللبناني العالمي زهير مراد على بعد مرمى حجر من موقع الانفجار.

وأظهرت صور نشرها على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي واجهات العرض محطمة، وجدران المبنى متصدعة فيما صمدت بعض الأحرف من اسمه على الواجهة الرئيسية المواجهة للمرفأ. وكتب تعليقاً جاء فيه “جهود سنوات ذهبت سدى في لحظة”، لافتاً الى أن فريق عمله كان قد غادر قبل لحظات من الانفجار. وأبدى امتنانه لـ”سلامة” موظفيه.

على بعد أمتار من منزل صعب في الجميزة، لم ينج مشغل المصمم اللبناني العالمي أيضاً ربيع كيروز، الذي ارتدت نجمات عالميات من تصاميمه على غرار سيلين ديون، من الانفجار.

ويتخذ كيروز من قصر داغر المبني في القرن التاسع عشر مقراً لعمله. ونشر بعد الانفجار صوراً على حسابه على “إنستغرام” تظهر ركاماً داخل قاعة واجهتها مؤلفة من قناطر تقليدية. وفي غرفة أخرى تمثال عرض قرب طاولة مستطيلة تناثر الخشب والغبار والأوراق عليها.

وكتب تعليقاً جاء فيه “سنترك الآن.. هذه السيدة الجميلة لتتعافى”، مضيفاً “سنعود قريباً”.

وعلى غرار عشرات آلاف اللبنانيين الذين تدمّرت منازلهم أو تضرّرت بشكل كبير، فإن أكثر ما يؤلم هو الذكريات الضائعة، وفق زينون.