لا شك في أن المؤتمر الصحافي المطول الذي عقده رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل يوم الأحد الفائت حمل كثيرا من الرسائل السياسية إلى الحلفاء والخصوم على السواء. فالرجل اقتنص الفرصة الإعلامية المتاحة لينفض يده، من الفساد المستشري في البلاد، كما من انفجار المرفأ، في وقت يطالب الناس الغاضبون باسقاط رئيس الجمهورية على خلفية المسؤولية عن كارثة مرفأ بيروت، بعد إطاحة حكومة الرئيس حسان دياب، مع العلم أن التيار لم يتوان عن العودة إلى الشارع، وإن بشكل محدود، ليعبر عن امتعاضه إزاء القنص السياسي في اتجاه العهد بشكل مباشر.
لكن هذه لم تكن الرسالة الوحيدة التي بعث بها باسيل في أكثر من اتجاه. ذلك أنه فتح أيضا ملفا كبيرا حاذر الجميع الغوص في دهاليزه، حتى اللحظة على الأقل تفاديا للاتهامات المعتادة بالإنقضاض على الطائف.
إلا أن مصادر مراقبة أشارت لـ “المركزية” إلى أن باسيل سار بين ألغام هذا الملف الشائك، وأطلق عددا من الاشارات المهمة كالقول إن تغيير النظام لا يتم من خلال القفز فوق الدستور، بل من خلاله، ما يعني قطع الطريق على أي محاولات لتعديل الطائف. واعتبرت في المقابل أن هذا الهدف الطموح يستوجب قليلا من الخطوات السياسية المهمة، وإن كانت تعني الاشتباك مع الحلفاء، على رأسها القبول بحياد لبنان كما يطرحه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ووضع الاستراتيجية الدفاعية التي طال انتظارها. غير أنها تستبعد أن يتم ذلك في القريب العاجل، لأن بين باسيل ورئيس الجمهورية اختلافا في وجهات النظر في هذا المجال. بدليل أن عون لا يزال يتريث في الدعوة إلى حوار وطني حول الحياد والاستراتيجية الدفاعية، متماهيا في ذلك مع موقف حزب الله المناهض لهذه الخطوة، والذي قد يزداد تشددا بعد صدور الحكم في قضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.. وتاليا، فإن فرص ولادة هذه الاستراتيجية لا تزال بعيدة المنال…