كتب يوسف دياب في صحيفة الشرق الأوسط:
واصل المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي فادي صوّان تحقيقاته في الملف، فاستجوب أمس مدير دائرة المانيفست نعمة البراكس، والموظف في المرفأ جوني جرجس، وأصدر مذكرتي توقيف وجاهيتين بحقهما، على أن يستأنف غداً الجمعة استجواباته مع الموقوفين وباقي المدعى عليهم.
وذكرت مصادر مطلعة على سير التحقيقات أن الاستجواب «يركز حالياً على جانب التقصير والإهمال الذي أدى إلى بقاء مادة (نيترات الأمونيوم) طيلة 7 سنوات داخل (العنبر رقم 12) إلى حين انفجارها». وأشارت لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «التعمّق بالشقّ المتعلّق بأسباب الانفجار ينتظر تسلّم المحقق العدلي تقارير خبراء المتفجرات، خصوصاً الخبراء الفرنسيين وفريق مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)». ولفتت إلى أن «إفادات من جرى التحقيق معهم كشفت عن أسماء جديدة سيستدعيها صوّان، بعد الانتهاء من استجواب كل الموقوفين».
ويوماً بعد يوم يتوفّر مزيد من الأدلة على المسؤولية المشتركة للأجهزة الأمنية الموجودة في المرفأ، عن الإهمال الوظيفي وعدم اتخاذها التدابير اللازمة والتمادي في التقصير الذي أدى إلى وقوع الكارثة، وكشفت المصادر المطلعة على سير التحقيقات، عن أن «جهازاً أمنياً كان أجرى قبل 3 سنوات دراسة فنيّة وفحوصاً مخبرية، أظهرت أن نسبة (الأزوت) في نيترات الأمونيوم المخزّنة في (العنبر رقم 12) تبلغ 34.7 في المائة، مما يعني أنها لم تعد مادة خطرة فحسب؛ بل مواد متفجرة». وقالت: «كان يفترض إزالتها فوراً، وعدم انتظار الإجراءات الروتينية، والمراسلات بين أجهزة الأمن في المرفأ، وبين قضاة العجلة في بيروت، رغم أن ذلك لا يعفي هؤلاء القضاة من مسؤولية اتخاذ قرار عاجل إما بالتخلّص من هذه المواد على الأراضي اللبنانية، وإما إعادة تصديرها إلى بلد المنشأ».
وينتظر أن يستغرق عمل الخبراء الأجانب وقتاً إضافياً في موقع الانفجار بالمرفأ؛ إذ أوضح مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، أن الخبراء «يدرسون التربة لتحديد أسباب الانفجار، وما إذا كان هناك أثر لذخائر أو مواد أخرى تستخدم في أعمال التفجير كانت أيضاً ضمن (العنبر رقم 12)، وتبيان ما إذا كان هناك عمل تخريبي، أم إن الانفجار ناجم عن خطأ وسوء تقدير لخطورة المواد التي انفجرت». ورغم أن فرضية العمل الإرهابي لا تزال قائمة، فإن ثمة استبعاداً لاحتمال الاستهداف بصاروخ «جو – أرض» حتى الآن، ما دام أن صور الأقمار الصناعية لم يحصل عليها المحققون بعد، لكن ثمة بحث حقيقي عن فرضية خرق أمني في المرفأ، وزرع عبوة داخل العنبر وتفجيرها عن بُعد، وربما من جهة البحر.
وتترقب أوساط متابعة أن تستأثر مرحلة استجواب الوزراء المعنيين بقضية المرفأ باهتمام كبير؛ إذ أوضح مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن المحقق العدلي «سيستمع إلى إفادات وزراء الأشغال والمال الحاليين والسابقين، ويتخذ القرار المناسب بحق من تثبت مسؤوليته عمّا حصل».
وشدد المصدر القضائي على أن الوزراء «سيدلون بإفاداتهم على سبيل المعلومات، لكن إذا توفرت خلال التحقيق أدلة على ارتكاب أي منهم جرماً متلازماً للقضية، فعندها يمكن للمحقق العدلي، وفق (المادة 60) من (قانون أصول المحاكمات الجزائية)، تحويل الوزير المستجوب إلى مدعى عليه، أما إذا كان الجرم غير متلازم، فيحيل الأوراق إلى النيابة العامة التمييزية للنظر بأمر الادعاء وإحالته إلى المرجع المختص».