أصدر رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، يوم 14 آب، مرسوماً منح فيه قدماً استثنائياً لترقية أربعة ضباط من المديرية العامة لأمن الدولة، بينهم الملازم أول فراس عويدات، الذي سبق أن تولى التحقيق في قضية الممثل المسرحي زياد عيتاني. هذا التحقيق انتهى بفضيحة كبرى بعد التسبّب في سجن عيتاني ظلماً لأكثر من 100 يوم، بعدما لُفِّقت له تهمة التعامل مع العدو الإسرائيلي. وحصل عويدات على قِدَم استثنائي مدته عام واحد، ما يعني أنه يمكن إدراج اسمه على جدول الترقية، قبل عام من موعد استحقاق ذلك. ومع عويدات، حصل كل من النقيب فضل عباس والنقيب فادي شبيب والملازم أول جوزف ملكي على قدم استثنائي مدته 6 أشهر. وصدر المرسوم بناءً على اقتراح رئيس الحكومة حسان دياب، المبني على اقتراح مجلس قيادة المديرية العام لأمن الدولة المؤلف من المدير العام اللواء طوني صليبا ونائبه العميد سمير سنّان. ويُعد القِدم الاستثنائي أكبر مكافأة يمكن أن يحصل عليها أي ضابط في أي مؤسسة أمنية وعسكرية، لكونها تمنحه عملياً ترقية استثنائية قبل أوانها.
وفي التبرير الذي سيق في المرسوم لمكافأة الضباط أن كلاً منهم هو «ضابط نشيط ومجتهد وانضباطي، أظهر مراراً شجاعة فائقة وبراعة خارقة في استثمار الموارد المحدودة الموضوعة بتصرفه، فتمكّن من بناء وتفعيل شبكات استعلامية والقيام بمداهمات ضمن نطاق عمله الإقليمي أدّت إلى توقيف أشخاص ومجموعات بجرم التخطيط للقيام بأعمال إجرامية وإرهابية مختلفة، مجازفاً بحياته ومظهراً جرأة وأداء مميزين في التقدير».
إذاً، استحق الضباط الأربعة المكافأة لأنهم بنوا شبكات مخبرين، وأوقفوا مطلوبين. وفي حال صحة ذلك، ما هو واجبهم العادي الذي لا يستحقون المكافأة عليه؟ أليس الاستعلام وتوقيف المطلوبين؟ ما هي «البراعة الخارقة» في ذلك؟ ولماذا لم تظهر تلك «البراعة الخارقة» عندما جرى تلفيق تهمة التعامل مع العدو الإسرائيلي لعيتاني والزج به في السجن، من دون أن يتمكّن عويدات، وزملاؤه، كما رؤساؤه، من اكتشاف التلفيق؟
مشكلة الأجهزة الامنية، جميعها، وبلا استثناء، ومعها السلطة السياسية، أنها باتت توزّع مكافأة «القِدَم الاستثنائي» كما توزّع «بونات البنزين» على مخبريها، مع الحرص دوماً على مراعاة «التوازن الطائفي»، ما أدى إلى «تضعيف» هذه المكافأة. لكن في هذا المرسوم تحديداً، «التضعيف» أكبر، لأنها مرتبطة بضابط أسهم في «بهدلة» كل عمليات مكافحة التجسّس الإسرائيلي في لبنان.