كتبت ثريا شاهين في الـ“mtv“:
السؤال الذي يطرح نفسه: كيف وصلت البوارج الغربيّة إلى المياه الإقليميّة بعد انفجار مرفأ بيروت. وهل جاءت بناءً على طلب رسميّ لبناني أو بناءً على مبادرة من دولها لم يشأ لبنان أن يرفضها؟
وأشارت مصادر دبلوماسيّة إلى أنّه “في الأساس، يتطلّب إرسال بوارج من هذا النوع إلى بلد ما، إمّا طلباً من الحكومة، أو يكون الأمر بقرار من مجلس الأمن الدوليّ”.
ولم تطلب حكومة لبنان إرسال بوارج، كما أنّ مجلس الأمن لم يتّخذ قراراً بذلك، لكنّ رئيس الجمهوريّة، وهو السلطة الأعلى في البلاد بما لديه من صلاحيات في السياسة الخارجية من تفاوض وعلاقات خارجيّة، يبدو أنّه طلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مساعدة في التحقيق حيث الفرنسيون يُمكنهم أن يحصلوا على صور جويّة للإنفجار.
كما أنّ عون اتفق مع الأميركيين على موضوع إرسال وفد من مكتب التحقيقات الفيديرالي FBI.
أما على مستوى البوارج، فإنّها أرسلت بمبادرات ذاتيّة لم يشأ لبنان أن يرفض حضورها، وبالتالي هي جاءت بضوءٍ “برتقالي” إن لم يكن أخضر أو أحمر، كما يُمكن أن يكون الطلب قد تمّ من دون إعلان، وهذا محتمل، إنّما حضورها غير مرفوض، إذ أنّه من الصعب أن تحضر من دون هذا الضوء البرتقالي.
كما يُمكن لقوّة “اليونيفيل” أن ترسل فريق عمل بحري إلى المرفأ في إطار مهمّة إنسانيّة، وبالتالي تكون أسرع من أن تأتي عبر المطار.
هناك دافع أساسي وراء حضور البوارج في السياسة، وهو التوتر القائم في منطقة المتوسط، أيّ التوتر التركي – الفرنسي وهو توتر سياسي وإقتصادي، حيث تتدخّل تركيا في ليبيا، وفرنسا تعتبر أنّ المتوسّط كلّه منطقة اهتمام لديها ومصالح. ووجود بوارج فرنسية يعني أنّ فرنسا هنا ولن تغيب عن الساحة.
ثمّ هناك التوتر القبرصي – التركي – اليوناني في مرحلة من التحضير لترسيم حصص في البحر.
وليس من سبب آخر لوجود البوارج، إذ لا حلول غربيّة للأوضاع اللبنانية يتمّ العمل لفرضها فرضاً. كذلك ليس هناك من توتّر كبير وغضب عارم أثاره قرار المحكمة الخاصة بلبنان في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. فالأمور مضبوطة، وليس هناك من تشنّج داخلي في البلد يفرض وجود البوارج. والمحكمة، وفق نظامها، لم تتمكّن من القول أكثر مما قالته، حيث لا ربط بين الفاعل وكبار المسؤولين عنه، أو قيادته.
وهذا يحتاج إلى إثبات مباشر لم تجده المحكمة. توقّف الإتّهام عند هذه النقطة، سيّما أنّ الأعلى من المدان سليم عيّاش هو مصطفى بدر الدين الذي اغتيل في سوريا.
وعدم القدرة على الإثبات خلق شكوكاً، والمحكمة لم تستطع الصعود أكثر في الإدانة، إنّما لم تنعكس تشنّجاً داخلياً بين الطوائف وبقي الهدوء سيّد الموقف، ما يعني أنّه لم يكن هناك من داعٍ لوجود البوارج.