شهر أيلول من هذا العام سيكون مختلفاً عن كل السنوات الماضية، والسؤال الوحيد الذي يتبادر الى الأذهان: هل ستفتح المدارس أبوابها؟ واذا كان الجواب ايجابياً، فبأي حال وحلّة ستعود. فمنذ بداية العام الدراسي الماضي والازمات تتراكم والنكبات تتزاحم، بدءًا بالأزمة الاقتصادية مروراً بانتفاضة 17 تشرين وكورونا وصولاً الى انفجار المرفأ، حيث بلغ عدد المدارس المتضررة 92 مدرسة رسمية و67 خاصة، إضافة الى خمسة مجمعات تابعة للتعليم المهني والتقني الرسمي.
ولكل تلك الاسباب، تبدو صورة العام الدراسي ضبابية. فبعد ان أعلنت معظم المدارس انطلاق العام الدراسي مطلع شهر أيلول، أكد وزير التربية أمس أنّ العام الدراسي سيبدأ في الأسبوع الأخير من أيلول المقبل، بشكل تدريجي، على أن يعتمد الدمج بداية بين الحضور وبين التعليم عن بعد، ثم تجري الوزارة تقييماً بعد ثلاثة أسابيع، وفي حال كانت النتيجة سيئة، يتم الاكتفاء بالتعليم عن بعد. ووجه نداء استغاثة لتأمين كومبيوتر محمول لكلّ تلميذ، مع إعطاء الأولوية لتلامذة المدارس الرسمية. فهل المدارس جاهزة مادياً ومعنوياً لإطلاق العام الدراسي؟
أمين عام المدارس الكاثوليكية الأب بطرس عازار قال لـ”المركزية” “طلبنا من وزير التربية، خلال اجتماع تشاوري، ان تكون هناك مرونة في فتح المدارس وطرق التعليم التي سيتم اعتمادها. فانطلاق العام الدراسي مهم كي يبقى هناك امل ورجاء لدى اللبنانيين بأن الحياة ستستمر رغم النكبات، لكن الأمر الأهم المطلوب من الدولة هو التفكير بالأهل الذين لن يتمكنوا من دفع الاقساط المدرسية خاصة المنكوبين في بيروت، وان تأخذ بالاعتبار أن الاقساط المدرسية لم تجمع كاملة في العام الماضي، بالاضافة الى الحملات المشبوهة والمغرضة التي طالتنا ولم تستند الى علم ولا قوانين ولا انظمة”.
وتابع عازار: “ليس المهم اعلان بداية العام الدراسي وطريقة التعليم، انما علينا تسهيل الأمور على التلامذة كي يدخلوا الى المدارس وتكون مجهزة لاستقبالهم احسن استقبال. من هذا المنطلق ناشدت المسؤولين، وعلى رأسهم وزير التربية بأن يطلقوا نداء عالمياً، مفاده أن التعليم في لبنان بخطر لأن الاهل متعثرون عن دفع الاقساط كما يحق للمعلمين بالعيش الكريم. فهناك معلمون لا يتقاضون معاشاتهم وغيرهم احيلوا الى التقاعد، ولمساعدتهم قمنا بمبادرة في صندوق التعويضات واعتبرنا هذه السنة مبررة كي لا تنقطع امكانية استفادتهم من الصندوق، بالاضافة الى مبادرة نحضرها مع صندوق الضمان، والمؤسف هنا ان بعض موظفي الضمان يتعاملون مع المدارس وكأن البلد بألف خير، ويعرقلون أمور بعض مدراء المدارس، وهذا موضوع سأرفعه قريبا الى مجلس ادارة الضمان ومدير عام الضمان واذا اضطررت سأسمي الاشخاص باسمائهم”. وسأل: “هل هذه هي سياسة الدولة او سياسة اشخاص متمسكين بمراكزهم وسلطاتهم؟ فلينزلوا الى الارض ويرووا ما يحصل مع الشعب، هناك مؤسسات تقفل ابوابها، واشخاص يتركون عملهم، فليشعروا مع الناس”.
وتابع: “مضت ست سنوات ونحن نحمل المدارس المجانية عن الدولة وهي عاجزة عن دفع المساهمات المتوجبة عليها، مضت سنوات ونحن نفتح ابوابنا للتعليم الرسمي، وليس الخاص فقط، ونقوم مقام الدولة في امور كثيرة، وهي تبادلنا بفرض القوانين والضرائب. تتهدم مدارسنا ولا احد يمد يده للمساعدة او يستنكر، ولا احد ينظر الينا، وكأن الامور لم تتغير”.
وعن المساعدات التي أقرتها الدولة للمدارس أجاب: “كانت أشبه بعراضة لا اكثر، حتى الآن اعتقد ان الفرنسيين جديون في مساعداتهم، لكنهم سيدفعون لعدد محدود من المدارس والاهل، لن يدفعوا لل 1600 مدرسة خاصة، إنما فقط لنحو 75 و80 مدرسة، وقد يصار لاحقاً الى اختيار اهل من المدارس الكاثوليكية التي لا تتبع المنهج الفرنسي، سنرى ما يمكننا فعله. وقريبا سنلتقي السفير الفرنسي لبحث الموضوع”، مشددا على “ان المساعدات التي نحتاجها كبيرة، خاصة مع تضرر المدارس في بيروت جراء الانفجار خاصة في الاشرفية، ونحتاج الى اكثر من 200 مليون دولار لاعادة البناء”.
وتطرق عازار الى معوقات التعليم عن بعد خاصة مشكلة أجهزة الكمبيوتر او الهواتف المحمولة الذكية والانترنت والكهرباء والتي هي غير متوفرة في معظم المنازل خاصة اولئك الذين تضررت منازلهم فقال: “هناك معوقات كثيرة، وهناك اهل سيذهبون الى اشغالهم من سيتابع التلامذة خاصة الصغار منهم في دروسهم الاونلاين”.
ولفت الى ان لجنة التربية النيابية طرحت مشكلة تدفق اكثر من 150 الف تلميذ من القطاع الخاص الى الرسمي، وليس لديها اساتذة او امكنة لهم، او تجهيزات، فكان جوابي ان الحل بسيط وهو ان تترك الدولة هؤلاء التلامذة في مدارسهم وتسدد عنهم الاقساط، الامر الذي سيوفر عليها 3 ملايين ليرة عن كل تلميذ، لأن الدراسات بينت ان القسط المدرسي في القطاع الرسمي اغلى بكثير منه في الخاص، وهو بحدود الثمانية ملايين في حين ان متوسط قسط التلميذ في المدارس الكاثوليكية هو نحو 5 ملايين ليرة”.
وختم: “ان الاوان ان تعتبر الدولة اللبنانية التي ننتمي اليها وسلمناها امورنا واعطيناها الثقة، ان تلميذ المدرسة الخاصة هو مواطن لبناني يسدد الضريبة عن غيره، فلتتفضل وتقوم بواجباتها تجاهه. نعمل المستحيل لكن القيمين على الموضوع يعيشون على كوكب آخر، اين اغنياء لبنان؟ اين الوزراء والنواب؟ اين النداء لانشاء صندوق شبيه بمشروع مارشال الذي كان موجودا ايام الحرب العالمية الثانية؟ نحن بلد منهوب ومنكوب والحالتان اسوأ من بعضهما البعض. قد نصل الى حائط مسدود نقفل بعدها مدارسنا، هل يريدون ان نهاجر، لن نهاجر، لن نترك ولن نبيع ارضنا ولن نقفل مدارسنا”.