IMLebanon

السلطة تركت الناس تنفّس غضبها.. وعادت لممارساتها المحاصصتيّة!

مرة أخرى، تعوّل قوى السلطة على عامل الوقت لتنفيس غضب الناس. هذا ما فعلته بعد 17 تشرين، وهذا ما هي في صدده اليوم، في أعقاب زلزال 4 آب. هي تترك الشعب المنهوب الفقير الجائع، والذي تحوّل بعد تفجير المرفأ الى شهيد مقتول مفجوع مشرّد أيضا، يعبّر عن سخطه وقرفه من الطبقة الحاكمة – لكن طبعا ضمن حدود اذا تجاوزها قوبل بالمطاطي او بالرصاص الحي – فيتظاهر ويقطع طرقات ويحرق اطارات، ويعلّق مشانق…. وبعد أن ترتاح الى ان “المظلومين” فجّروا كل ما في صدرهم، تعود هذه الاطراف الى سياساتها المعتادة وممارساتها المعهودة، وكأن شيئا لم يكن.

للاسف هذا هو واقع الحال مع هذه السلطة، بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”. فمئات الضحايا الذين سقطوا اثر تفجير المرفأ الناتج عن إهمالها، والاف المصابين وعشرات الاف “المهجّرين” من منازلهم، لم يدفعوها الى تبديل سلوكها البتة. فقبل ان تنتهي مراسم تشييع الضحايا، وعمليات البحث عن المفقودين تحت الانقاض، استأنفت احزاب السلطة الاتصالات في ما بينها لتحضير الطبق الحكومي. من هنا، زار رئيس مجلس النواب نبيه بري قصر بعبدا، قبل ان يستقبل امس في عين التينة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في حضور المعاون السياسي لامين عام حزب الله حسين خليل ومعاون بري النائب علي حسن خليل… في الشكل، الوجوه نفسها عادت لتبحث ملف تشكيل الحكومة وفي اجتماعات مغلقة، علما ان هذه المشاورات يفترض ان تحصل في قصر بعبدا في الاستشارات النيابية الملزمة. لكن منطق ضرب الدستور مستمر، واعداد الطبخة الحكومية في الكواليس السياسية، وتحويل الاستشارات الى “فلكلور” للتصديق على ما اتفق عليه مسبقا في الخارج، مستمر ايضا للاسف، تتابع المصادر.

اما في المضمون، فما رشح عن لقاء عين التينة قطع الشك باليقين ودلّل الى مدى استهتار احزاب السلطة بوجع الناس وألمهم وغضبهم، تماما كما فعلوا اثر اندلاع ثورة تشرين. آنذاك، قرروا صمّ آذانهم لصرخاتها ودعواتهم الى حكومة مستقلين حياديين تنكب على الاصلاح، وفصّلوا لهم حكومة من لون واحد، مؤلفة من مستشارين لبسوا لبوس التكنوقراط الاختصاصيين وتبيّن مع التطورات انهم كلّهم يدينون بالولاء التام للقوى السياسية التي أتت بهم الى السراي… اليوم، يحاولون القول انهم ايضا يريدون تلبية مطالب الناس، وهذا ما أعلنه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بتشديده على حكومة سياسية – شعبية، وهذا ما أعلنه ايضا رئيس الجمهورية امس. لكن في الحقيقة، الشروط والشروط السياسية المضادة، تحكم التأليف: باسيل وضع امس فيتو على اسم الرئيس سعد الحريري قبل ان يؤكد “اننا أحبطنا مؤامرة على العهد”، في حين يرفض حزب الله حكومة الحياديين. أما عين التينة، فترى ان لا بد من اعادة الحريري وبعده نبحث معه في شروط التشكيل… هذه الاطراف تبحث اذا عن صيغة وزارية ترضيها وتضمن لها مصالحها أوّلا، وتؤمّن حضورا مريحا لها في الحكم في المرحلة المقبلة… واذا نظرنا الى ما يطرحه الفريق الآخر، المعارض، سيتبيّن لنا ان الهوّة كبيرة بينهما، ما يجعل الاتفاق على التشكيل امرا بعيد المنال، واننا ذاهبون الى فترة تصريف اعمال طويلة الا اذا قرر 8 آذار تكرار سيناريو حسان دياب، الذي أثبت فشله بقوّة.

في الاثناء البلاد تنهار، والمساعدات لن تأتي قبل حكومة تتعهّد الاصلاح، تكون قادرة على العمل بلا عوائق سياسية… لا مخرج اذا الا بالإنصات الى صوت الناس، ولو لمرة واحدة: تواضع الجميع، وقبولهم بتشكيل حكومة مستقلّين تكون مهمامها اقتصادية بحتة، وتأمينُهم الغطاء اللازم لها لتعمل من دون عراقيل… لكن السلطة تبدو مع الاسف بعيدة جدا من هذا التوجّه…