IMLebanon

عودة: بيروت لن تقوم مجددًا إذا هجرناها وبعنا منازلنا للغرباء

اعتبر متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة أن “ما يمر به بلدنا أظهر لنا جليًا من هم داخلو الملكوت. كل من حمل مكنسة وساعد منكوبا، كل من طبب جراح نازف، كل من أنقذ نفسا قبل أن يختطفها الموت، ولم ينتظر أياما لينتشل جثثا كان يمكن أن تكتب لها الحياة، كل من مسح دمعة، وأطعم جائعا وكسا بردانا، وأوى مشردا ونازحا، وسواهم، هؤلاء هم أبناء الملكوت. أما كل متربع على عرشه من دون أن يعمل، فهذا لن ندينه نحن، بل سنسلمه إلى عدالة الملك السماوي التي لا نثق بغيرها”.

وأضاف، في عظته: “لقد دنس البشر أرضهم بنسيانهم الرب واتباع زعماء أوصلوهم إلى الخراب والدمار واليأس. يا أحبة، ليس الله مسؤولا عن أي مصيبة تصيبنا، بل البشر، والشر الذي أعمى قلوبهم. يظنون أنهم يتحكمون بالشعب إذا نشروا الفوضى والإفقار والقتل والدمار، إلا أن الله أكبر من كل من يعتبر نفسه كبيرا وسيدا على إخوته البشر. السيد الحقيقي صلب من أجل خلاص شعبه، لم يقتل شعبه، لم يسمح بأن يتسلط عليهم الموت، فأسس لهم نهج القيامة والحياة. لذلك، نحن لا نخاف إلا موتا واحدا، هو موت النفس بسبب الخطيئة. بيروت دمرتها الخطيئة عدة مرات، لكنها قامت، وستقوم. إلا أنها لن تقوم مجددا إذا هجرناها وبعنا منازلنا لغرباء لا يزالون يحومون بأموالهم حول الفقراء ولا يرون في دمارها سوى فرصة ذهبية للاستغلال والاستيلاء. أما حكام هذا البلد فلا يفكرون إلا بالمحافظة على كراسيهم، يتطاحنون من أجل الحفاظ على حصصهم، يجلسون معا في هدوء مضحك مبك. هم في عالم والشعب المجبول بالضياع، المرمي في النكبات، لا يجد إنسانا يسند رأسه على كتفه، ويسأل أين هم الذين أشبعونا وعودا وبانت فارغة. أين هم الذين كانوا في ضيافتنا عند حاجتهم لنا، وبعدئذ وجدنا أن لهم آذانا ولا تسمع، وعيونا ولا تبصر”.

وختم : “دعوتنا أن نكون مقتدين بالملك الغفور، الرحوم، الذي مهما عظمت خطايا البشر تجاهه، يجد لهم مخرجا خلاصيا إن تابوا ورجعوا إليه. دعوتنا أن نغفر سبعين مرة سبع مرات، لأننا إن لم نغفر، سوف ننجر مسيرين بالحقد نحو دمار أكبر، وحروب شعواء، وسيعيد التاريخ نفسه وندخل في دوامة شر لا خروج منها. دعائي أن يحفظكم الرب من كل شر، ومن كل جنوح نحو الشر، وأن يبلسم جراحكم النفسية والجسدية، الأمر الذي لن يتحقق ما دامت القلوب فارغة من المحبة والمغفرة. لذا، أحبوا، إغفروا، وبهذا تنهضون وتقيمون مدينتكم معكم من تحت الركام، آمين”.