كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
ما زالت كفتون (قرية في أعالي قضاء الكورة) وقرى كورانية مجاورة تتّشح بالسواد، بينما صور أبنائها الذين قضوا في جريمة قتل مروّعة، تنتشر على الطرقات، في حين رُفعت اللافتات التي تستنكر الجريمة وتُطالب بالعدالة. هذه الجريمة التي وقعت مساء الجمعة الفائت، خرقت هدوء القرية (كفتون) وهدوء قضاء الكورة، حيث راح ضحيتها كل من: علاء فارس وهو نجل رئيس بلدية كفتون ومعه جورج وفادي سركيس.
كفتون شيّعت أبناءها الثلاثة عند الخامسة من عصر أمس الأحد، في مأتم مهيب، شارك فيه أهالي القرية والبلدات والقرى المجاورة أيضاً، وذلك في ملعب كفتون. وتقدّم النعش وفد كبير من الحزب السوري القومي الإجتماعي، الذي نعى المغدورين الثلاثة ببيان جاء فيه: “قتل الشبان الثلاثة في كفتون، ووضع الحادث في عهدة القضاء والقوى الأمنية لكشف الملابسات الغامضة والوصول الى المجرمين وإنزال أشد أنواع العقوبات بهم”. وقد لفّ الحزن كفتون والقرى المجاورة، بعدما استفاقت صباح السبت الفائت على جريمة مروّعة ما زالت تفاصيل حدوثها وأسبابها وخلفياتها، تنتظر التحقيق ليقول كلمته.
ماذا في المعلومات الأولية؟
المعلومات التي يتم تداولها حتى الآن تفيد بأن 4 أشخاص كانوا يستقلّون سيارة من نوع هوندا قديمة ومن دون لوحات، أطلقوا النار على الشبان الثلاثة وهم حرس بلدية وكانوا يقومون بأعمال الحراسة الليلية وتطبيق قرار المراقبة بسبب تفشي فيروس “كورونا”. وقد فرّ مطلقو النار بعدها في الأحراج المجاورة، وتركوا سيارتهم مركونة على بعد 50 متراً من مكان إطلاق النار. وفي آخر المستجدّات “أن دورية من شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، تسلّمت من القوة الأمنية المشتركة الفلسطينية في مخيم البداوي مشتبهاً فيه سوري الجنسية (أ.ش) حيث اقتيد الى التحقيق، وذلك بعد مداهمة وتبادل إطلاق نار حصل ليلاً في مخيم البداوي”. ودانت القوى الفلسطينية في مخيم البدّاوي الجريمة وطالبت الإعلام ووسائل التواصل الإجتماعي بعدم “تسليط الضوء على المخيّم وكأنه بؤرة لإيواء الإرهابيين أو الفارّين من وجه العدالة، وأن السلطات في المخيم تتعاون مع السلطات اللبنانية بشكل كامل وبخاصة في الجانب الأمني”.
وفي سردٍ غير رسمي للحادثة أنّ “عناصر شرطة بلدية كفتون الثلاثة، اشتبهوا بسيارة ليلاً إلى جانب الطريق وسألوا من بداخلها ماذا يريدون؟ فأجاب من بداخلها أنها بحاجة إلى البنزين ولا محطات في هذا الوقت بسبب الإقفال. وبعد وقت قليل، شوهدت السيارة تنطلق، فسارعت الشرطة إلى قطع جزء من الطريق أمامها، عندها أقدم الموجودون داخل السيارة على إطلاق النار، وفرّوا إلى جهة مجهولة تاركين السيارة، وقيل أن في داخلها أسلحة، ولكن لا رواية رسمية أو أمنية حتى اللحظة تؤكّد هذه المقولة.
وكانت قاضية التحقيق الأول في الشمال سمرندا نصار تفقّدت مكان حدوث الجريمة في كفتون، واطّلعت على التحقيقات الأولية للأجهزة المختصة واستمعت الى إفادات الشهود… كما أشارت روايات عامة غير رسمية أيضاً الى أنّ النائب المستقيل نديم الجميل كان يقوم بزيارة إلى قرية كفرحاتا الكورانية المجاورة، وقد يكون للأمر صلة بهذه الزيارة، لكن معطيات أثبتت أن السيارة مرت من كفرحاتا من دون توقف وأيضاً كان الجميل غادر المنطقة قبل ضبط السيارة. وهناك من يتحدّث عن فرضية السرقة، وكلّها فرضيات لا تزال من قبيل التكهّنات، بينما رواية السلطات الأمنية والقضائية التي تتولّى التحقيق، هي التي يجب أن تحدّد الأسباب والدوافع، وتُجيب على كل التساؤلات.
رئيس اتحاد بلديات الكورة كريم بو كريم، وبعد مشاركته في العزاء، قال لـ”نداء الوطن”: “لا شك في أنّ الصورة قد اكتملت لدى الأجهزة الأمنية التي أصبح في قبضتها شخص من بين الأربعة الذين كانوا في السيارة. طبعاً هذا الشخص ليس مشتبهاً فيه إنّما من المتورطين بهذه الجريمة. الأمور الآن أصبحت مسألة وقت ليتمّ القبض على الثلاثة الباقين عبر التحريات والتحقيقات. لن نرجّح أي فرضية من الفرضيات التي يتم الحديث عنها في الإعلام، ننتظر التحقيق الذي سيحدد الفرضية الأصحّ، ودوافع هذا العمل الإجرامي”.
وأكّد بو كريم أن قضاء الكورة “ينتمي إلى الدولة وتحت سقف القانون. نحن لا نريد الأمن الذاتي، بل نريد الدولة أن تكون حاضرة بيننا بشكل أكبر. نريد من القوى الأمنية تكثيف وجودها في الكورة وتعزيزه بدوريات أكثر ونقاط ثابتة للجيش أو للقوى الأمنية حتى تريح الأهالي، ولا نرى للجريمة أي تأثير على العيش المشترك في الكورة، لأنّ العيش المشترك بالنسبة إلينا قدر وخطّ أحمر ولا كلام إطلاقاً في هذا الموضوع”. وختم: “عزاؤنا الوحيد بالشباب الذين فقدناهم، هو أن تتحقّق العدالة التي ننتظرها”.