كتبت مريم سيف الدين في “نداء الوطن”:
في الخامس عشر من الشهر الحالي، أعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال، حمد حسن، أن الوزارة باشرت بعزل بعض الأحياء ضمن بعض المناطق التي عددها بالتعاون مع البلديات ووزارة الداخلية. لكن الواقع على الأرض كذّب إعلان الوزير، إذ لم يتمّ عزل الأحياء باعتراف رؤساء بلديات وسكان في تلك المناطق. ويؤكد رئيس بلدية برجا، ريمون حمية، ورئيس بلدية طرابلس، رياض يمق، لـ”نداء الوطن” أن وزير الصحة قد اتّخذ قرار عزل الأحياء من دون التواصل مع البلديات ولا البحث معها في إمكانية وآليات تطبيقه. ليتبين لاحقاً عجز البلديات عن عزل أحياء فيها، “فالوزارة لا تمدّ يدها للبلدية ولا تتواصل معها وإنما تفرض عليها الإملاءات فقط”، وفق يمق.
وكان حسن قد أعلن عزل بعض الأحياء ضمن مناطق طريق الجديدة في العاصمة بيروت، وبرج البراجنة في قضاء بعبدا، وبرجا في قضاء الشوف، وباب التبانة في طرابلس. وتُظهر شهادتا رئيسي بلديتيّ طرابلس وبرجا، وكذلك شهادات سكان المناطق أن الوزارة بعيدة في قراراتها عن أرض الواقع، إذ يفترض لاتخاذ قرارات فعالة أن تبحث الوزارة عن الحل الأنسب لتطبيقها بالتشاور مع البلديات والاطلاع على إمكانياتها، وكذلك مدّها بالتجهيزات اللازمة، بدل أن يلقى عليها عبء تنفيذ قرارات وزارة الصحة التي يبدو أصلاً أنها لم تتابع التنفيذ.
يخبر حمية أن بلدية برجا وبعد أن اقتنعت بعدم إمكانية عزل الأحياء، قد عملت على تشديد الإجراءات، “فالعزل يتطلب أعداداً كبيرة من عناصر القوى الأمنية والكثير من الإجراءات، حاولنا عزل أحياء ولم ننجح بسبب وجود موظفين في القطاع الخاص والعام وفي أجهزة الدولة، والناس بحاجة لأن تعمل كي تعيش”. وبعد العجز عن عزل الأحياء، عملت البلدية مع العناصر الأمنية التي أتت لتطبيق قرار العزل، على مراقبة المحال والالتزام بإجراءات الوقاية ومنع التجمعات، وفق حمية. من جهته يشير يمق إلى أنه لا يمكن تطبيق قرار عزل أحياء من دون وضع آليات لذلك وتأمين حاجيات السكان.
ولمواجهة انتشار جائحة “كورونا” تكرر البلديات مجدداً مطالبة وزارة الصحة بتجهيز المستشفيات الحكومية، على الرغم من مرور نحو ستة أشهر على بدء لبنان مواجهته مع الجائحة وعلى الوعود التي أطلقها حمد حسن بتجهيز المستشفيات الحكومية، “فتحنا البلد من دون أن نتجهّز لذلك، وحتى الآن لم يتم تجهيز مستشفى سبلين. كما نعاني من نقص في فحوص الـpcr، فعند التأكد من إصابة شخص لا يتمكن جميع المخالطين من إجراء الفحص، فنطلب منهم الانتظار وحجر أنفسهم. كذلك فإن إعلان نتائج الفحوص يتأخّر”، يقول حمية.
وكما في برجا كذلك في طرابلس، يشكو رئيس البلدية من عدم تأمين التجهيزات اللازمة لمواجهة الوباء. ففي طرابلس امتلأت الأسرة المخصصة للمصابين بكورونا في المستشفيات، وفق يمق. ويشير رئيس البلدية إلى إهمال جميع الوزارات لطرابلس، “على وزارة الصحة دعم المستشفى الحكومي في طرابلس، فالبلدية دعمت المستشفى، لكنه بحاجة إلى دعم أكثر. ونحن بحاجة إلى جهاز لفصل البلازما عن الدم والذي تبلغ كلفته 25 ألف دولار، كي نحقن المصاب بالفيروس بالبلازما العائد لمن شفي من الوباء كطريقة للعلاج”. ويطالب يمق بتأمين مستشفى ميداني لمدينة طرابلس باعتباره ضروريّاً جداً في الظرف الحالي.
أما بالنسبة لتطبيق قرار الإقفال الذي بدأ نهار الجمعة الماضي، فيبدو أنه لم يكن على قدر توقعات المواطنين الذين التزموا منازلهم. إذ لم تظهر القوى الأمنية تشدداً في تطبيق قرار منع التجول وإقفال المحال المخالفة بالشكل الذي حصل فيه حين أعلن الإقفال للمرة الأولى. كذلك اختلف حجم الالتزام بين منطقة وأخرى، كالمعتاد. فاستمرّ مواطنون بأعمالهم بشكل شبه طبيعي في حين أقفل عاملون في نفس القطاع محالهم التزاماً بالقرار. ويشير رئيس بلدية برجا أن القرار لم يلق تجاوباً كبيراً ضمن نطاق بلديته التي فيها حوالى 42 إصابة. مضيفاً أن شرطة البلدية غير قادرة على فرض القرار، “ويفترض أن تقوم القوى الأمنية بذلك، لكن حالها من حال البلد. فمحضر ضبط البلدية لا يشكل رادعاً، إذ لا يبت القضاء بمسألة التمنع عن دفعه قبل 5 أو 6 سنوات”.