كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
حاول رئيس مجلس النواب نبيه بري تركيز جهوده التفاوضية على رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل لإقناعه بالسير بترشيح رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري لرئاسة الحكومة العتيدة، بشكل بدا وكأنّ “طبخة” الحريري جاهزة محلياً وخارجياً، ولم تكن تنقصها سوى موافقة باسيل!
لا بل أكثر من ذلك، بدا وكأنّ “التيار العوني” هو المعرقل لقيام حكومة جديدة تتسم هذه المرة بصفة انقاذية علها تنجح في وقف التدهور الدراماتيكي بدفع دولي ظهر جلياً لكنه مشروط بحكومة منتجة قادرة على وضع الأجندة الاصلاحية موضع التنفيذ. فعلياً، تنطلق الحملة التي تحمّل رئاسة الجمهورية ومعها “التيار الوطني الحر” مسؤولية التعطيل الحكومي، من عاملين أساسيين: أولاً، الورقة الدستورية التي بين يدي رئيس الجمهورية والتي تقضي بتحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة، حيث نجح رئيس الجمهورية في استخدام هذه الصلاحية عشية تسمية حسان دياب رئيساً للحكومة قاطعاً الطريق على أي مرشح آخر يرفض التعاون مع فريقه السياسي. ثانياً، إنّ المسؤولية المعنوية تلقى على عاتق “التيار الوطني الحر” أثقل من تلك التي ستلقى على عاتق الآخرين في ما لو سلكت الأمور منحى أكثر قساوة على المستوى المالي والاقتصادي والاجتماعي والأمني، كونه ذراع العهد التنفيذية وسيكون في مقدمة جبهة المتضررين في ما لو وقع الضرر على العهد.
ولكن وفق الجردة العونية، النظرة مختلفة كلياً. بالنسبة لهم ثمة حملة مضللة تستهدف “التيار” لكنها في غير محلها، ذلك لأن رئيس “تيار المستقبل” لم يتمكن من فرض نفسه مرشحاً يقف على قدمين ثابتتين تقدمانه على غيره من الأسماء الممكن لها أن تتولى رئاسة الحكومة.
يقولون: “أليس من الأوْلى أن يُسأل حلفاء الحريري عن موقفهم وعن أسباب رفضهم لترشيحه قبل سؤال “تكتل لبنان القوي” عن خياراته الحكومية؟ واذا كان الحريري قادراً على تجاوز أصواتنا فلماذا تحميلنا مسؤولية قطع الطريق أمام عودته”. أكثر من ذلك، وفق العونيين، فإنّ المشهد الحكومي يظهر بما لا يقبل الشكّ أنّ رئيس مجلس النواب هو وحده المتحمس لعودة الحريري إلى السراي، فيما “حزب الله” غير ممانع لكنه لا يتساوى في الموقف أو الحماسة مع الرئيس بري. حتى دولياً، لا تبدي أي دولة معنية بالملف اللبناني تأييدها بشكل مطلق لعودة الحريري إلى نادي رؤساء الحكومات فيما السعودية لا تزال في مربع الممانعة. ولذا، يقول هؤلاء إنّ رئيس “تيار المستقبل” لا يتمتع بالدعم السياسي الكافي لجعله مرشحاً قوياً يمكنه التقدم بخطوات ثابتة نحو السراي، ما يعني أنّ علّة التكليف والتأليف هي في مكان آخر وليست لدى الرئاسة الأولى أو “التيار الوطني الحر”. ويسألون: ما هو موقف الحراك الشعبي من ترشيح الحريري؟ كيف يفسّر هذا الخمول؟ هل بات يمثل تطلعات الشارع؟.
وعليه يؤكد العونيون أنّ رئيس الجمهورية سيعمد خلال الأيام القليلة المقبلة إلى تحديد موعد للاستشارات النيابية لسحب هذه الذريعة من أمام الجميع ووضعهم أمام مسؤولياتهم وخياراتهم. وعندها ستتضح الصورة وسيتبين للحريري ماذا سيفعل حلفاؤه! يسألون: هل سيقبل رئيس “تيار المستقبل” بأن يكون رئيساً مكلفاً بأقلية نيابية فيما الأكثرية تصوّت لغيره أو تتسلح بالورقة البيضاء؟ بالنتيجة، يفهم من الموقف العوني أنّ الظروف لم تنضج بعد لتسمية رئيس للحكومة فيما الالتباس الذي يحيط بمواقف الدول المعنية ازاء ترشيح الحريري يدفع باسيل إلى تكرار مشهدية الممانعة التي استخدمها عشية تسمية حسان دياب، وهذه المرة، إما لدفع الحريري الى تسمية شخصية يرضى عنها أو من ينوب عنه، أو الاتفاق على اسم ثالث.
يؤكد العونيون أنّ “تجارب حكومات العهد الثلاث أثبتت أنّها لم تؤت ثمارها، ولهذا لن يكون “التيار” مستعداً لتقديم شيك على بياض لأي كان. هذه المرة غير كل المرات السابقة، وما التدهور الذي بلغه الوضع الا جرس انذار أخير: فإما الاتفاق مسبقاً على حكومة منتجة رئاسةً ومكونات وبرنامجاً، وإلا فليتحمل الجميع مسؤولية الخراب!”. ويشيرون إلى أنّ “التيار” لم يتبن أي ترشيح لرئاسة الحكومة ولو أنه غير ممانع لوصول السفير نواف سلام ولكن من الضروري التفاهم معه على جدول أعمال الحكومة لكي لا نقع في الخطأ نفسه.