كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
لا مؤشرات جدية تدلّ على أنّ فترة تصريف الأعمال ستكون مختصرة أو متقتضبة. لا بل يتردد أنّ هناك من نصح رئيس الحكومة المستقيلة حسّان دياب بعدم الاستعجال في توضيب أغراضه لمغادرة السراي لأنّ المرحلة الفاصلة قد تمتد في الزمن.
كما لم يكن هناك من مؤشرات ثابتة تشي بأنّ ترشيح رئيس “تيار المستقبل” سعد الحريري لرئاسة الحكومة، كان يتمتع بما يكفي من مؤونة دعم قد تجعل من رحلة عودته إلى السراي مفروشة بالورود، أو بالسيولة! حتى الآن، العراقيل والحواجز تفوق العوامل المسهّلة وتعرض جدياً مشوار التكليف والتأليف حتى لو فعلها رئيس الجمهورية وحدد موعداً للاستشارات النيابية. ولهذا كان رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل يتمسك بممانعته ورفضه تكرار تجربة الحكم مع الحريري، لاقتناعه بأنّ هذه الجولة من المشاورات ستنتهي حكماً بالبحث عن اسم جديد.
الأكيد أنّ الجولة الثانية لن تقود حكماً إلى تسمية “حسان دياب ثان”، لأنّ الابقاء على المكوّن السني تحديداً والذي يمثله “تيار المستقبل” خارج المنظومة الحكومية، فيه الكثير من المخاطرة بامكانية إفشال الحكومة مرة جديدة، بسبب رفض الدول المعنية وتحديداً واشنطن وباريس والرياض مدّ يد المساعدة للبنان الغارق في أزماته، اذا لم تحظ الحكومة العتيدة بمظلة التوافق الداخلي. ولذا سيصار إلى البحث عن مرشح جديد يحظى بدعم الحريري ورضاه. وهي مرحلة لم تنضج بعد بانتظار أنّ يفرج رئيس “تيار المستقبل” عن الاسم الذي ستسميه كتلته.
يوم الاثنين الماضي، شهدت الساحة السنية واقعتين:
– الأولى هي اجتماع الحريري برؤساء الحكومات السابقين في بيت الوسط ولكن من دون أن يصدر عن اللقاء أي بيان يعبّر عن وجهة نظر المجتمعين. هنا ثمة من يعتبر أنّ إحاطة المشاركين في اللقاء، بالسكون يعني أنّ الرؤساء الأربعة يتجنبون في هذه اللحظات الدقيقة، الدخول في مواجهة علنية مع الرئاسة الأولى وفريقها السياسي لاعتبارات تتصل بهم شخصياً، كون جميعهم “مشاريع مرشحين” للرئاسة الثالثة في ظل خشيتهم من تعطيل فرصهم، في ما لو اتخذ التخاطب مع بعبدا طابعاً سجالياً، ولو أنّ هناك من سبقهم على التصويب على تخلّف رئاسة الجمهورية عن دورها في تحديد موعد للاستشارات النيابية الملزمة، والركون الى قاعدة التفاوض حول طبيعة الحكومة ومكوناتها ومهمتها قبل التكليف بشكل يعتبر تجاوزاً للنص الدستوري.
– الثانية توجه وزير الداخلية السابق نهاد المشنوق إلى دار الفتوى للقاء المفتي عبد اللطيف دريان حيث سجّل بياناً عالي النبرة، سيكون من الصعب تجاوزه انخفاضاً، خصوصاً اذا ما نجحت المساعي لعقد لقاء سياسي في دار الفتوى للتعبير عن موقف القيادات السنية.
هنا، تفيد المعلومات أنّ هناك مسعى جدياً لعقد لقاء سياسي برعاية المفتي دريان لتوجيه بوصلة مواقف القيادات السنية، في ظل التطورات الحاصلة والتي تزيد من حالة الاحتقان في الشارع السني وشعور أبنائه بالتهميش والتجاوز لمكانتهم في الدستور. يتردد أنّ هناك أكثر من فكرة وطرح على طاولة المفتي للمناقشة قبل تحديد الاطار الذي سيصار الى اعتماده لشكل اللقاء، بمعنى أن يكون محصوراً برؤساء الحكومات السابقين أو نواب العاصمة أو المجلس الشرعي، أو جميعهم.
يُفترض، وفق المتابعين، أن يتحدد الاطار خلال الأيام القليلة المقبلة كي يكون الموعد خلال الأسبوع المقبل على أبعد تقدير. أما بالنسبة لجدول الأعمال، فيقول أحد المتابعين إنّ المطلوب هو توجيه الرأي العام وتحديد سقف المكون السني من القضايا المطروحة، لا سيما في ما يخصّ التكليف والتأليف. ولهذا ينفي هؤلاء ما يتردد في بعض الأوساط عن توجه اللقاء في حال عقده الى تبني ترشيح شخصية لرئاسة الحكومة. لا بل سيصار إلى رفع الصوت عالياً اعتراضاً على تجاوز روحية الدستور التي تعطي الرئيس المكلف صلاحية التشاور مع النواب لتأليف حكومته، ووضع معايير الحكومة العتيدة بشكل يتناسب وتطلعات دار الفتوى.
لكن هذه المشهدية تبقى مرجحة، إلى أن تحدد الرئاسة الأولى موعداً للاستشارات الملزمة، وهي خطوة كان يتردد أنّها ستقدم عليها في وقت قريب كي تحشر الحريري في الزاوية. وها هو رئيس “تيار المستقبل” يقطع الطريق على محاولة احراجه عبر اعلانه عدم ترشحه لرئاسة الحكومة. فكيف سيكون الردّ من جانب قوى الثامن من آذار؟ بمرشح من صلبها؟ أم سيعاد تكليف حسان دياب من جديد لتمرير وقت ثقيل يجري على وقع عقارب الاشتباك الاقليمي… قبل الاتفاق على اسم توافقي؟