كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
وقّع وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي، مرسوم دعوة الهيئات الناخبة إلى الإنتخابات النيابية الفرعية للمقاعد الشاغرة باستقالة 8 نواب من المجلس. وأرسل المرسوم إلى رئاسة الحكومة، من دون تحديد تاريخ للإنتخابات (وِفق الخبر الرسمي الموزع)، مُعتبراً أنّه من الضروري أن تحصل قبل 13 تشرين الأوّل 2020.
ومن المفترض أن يتضمّن المرسوم، الذي لم يُنشر مضمونه بعد، تحديد موعد إجراء الإنتخابات الفرعية لملء الشغور في المواقع الثمانية الموزّعة على 6 دوائر إنتخابية هي: الشوف، عاليه، بيروت الأولى، المتن، كسروان وزغرتا، بينها ستة مقاعد مخصّصة للموارنة، ومقعد أرمني أرثوذكس، ومقعد درزي.
ويأتي توقيع المرسوم وإرساله ترجمة لنصّ المادة 41 من الدستور التي تقول: “إذا ﺧﻼ ﻣﻘﻌد ﻓﻲ اﻟﻣﺟﻟس ﯾﺟب اﻟﺷروع ﻓﻲ اﻧﺗﺧﺎب اﻟﺧﻟف ﻓﻲ ﺧﻼل ﺷﮭرﯾن. وﻻ ﺗﺗﺟﺎوز ﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺿو اﻟﺟدﯾد أﺟل ﻧﯾﺎﺑﺔ اﻟﻌﺿو اﻟﻘدﯾم اﻟذي ﯾﺣلّ محله. أمّا إذا خلا المقعد في المجلس قبل إنتهاء عهد نيابته بأقلّ من ستة أشهر فلا يعمد إلى إنتخاب خلف”.
وتترجم المادة 43 من قانون الإنتخاب رقم 44 /2017 نصّ المادة 41 من الدستور لجهة آلية إجراء الإنتخابات الفرعية، ولا سيما الفقرة الأولى منها التي تقول: “إذا شغر أيّ مقعد من مقاعد مجلس النواب بسبب الوفاة أو الإستقالة أو إبطال النيابة أو لأيّ سبب آخر، تجري الإنتخابات لملء المقعد الشاغر خلال شهرين من تاريخ الشغور، أو من تاريخ نشر قرار المجلس الدستوري القاضي بإبطال النيابة، في الجريدة الرسمية. لا يُصار إلى إنتخاب خلف إذا حصل الشغور في الأشهر الستة الأخيرة قبل إنتهاء ولاية المجلس”.
كذلك، حدّدت الفقرة الرابعة من هذه المادة آلية الإنتخاب وِفق التالي: “تجري الإنتخابات الفرعية لملء المقعد الشاغر على مستوى الدائرة الصغرى العائد لها هذا المقعد، وِفقاً لنظام الإقتراع الأكثري على دورة واحدة، وتُحدّد مراكز الإقتراع ضمن هذه الدائرة بقرار من الوزير، أمّا إذا تخطّى الشغور المقعدين في الدائرة الإنتخابية الكبرى إعتمد نظام الإقتراع النسبي وِفق أحكام هذا القانون”.
أما الفقرة الثانية فتقول: “تُدعى الهيئات الناخبة بمرسوم ينشر في الجريدة الرسمية. وتكون المهلة بين تاريخ نشر هذا المرسوم وإجتماع الهيئات الناخبة ثلاثين يوماً على الأقلّ”.
وتقول الفقرة الثالثة: “يُقفل باب الترشيح للإنتخابات النيابية الفرعية قبل 15 يوماً على الأقلّ من الموعد المُحدّد للإنتخاب، ويُقفل باب الرجوع عن الترشيح قبل 10 أيام على الأقلّ من موعد الإنتخاب”.
أمّا الفقرة الثامنة فتقول: “تُطبّق إستثنائياً أحكام القانون رقم 25 تاريخ 8-10-2008 المتعلّق بالإنتخابات النيابية في ما يخصّ الإقتراع الأكثري على أحكام هذه المادة بما لا يتعارض مع أحكام هذا القانون”.
وممّا تقدّم من عرض لفقرات هذه المادة من قانون الإنتخاب يتبيّن أّن الإنتخابات ستجري على أساس النظام الأكثري لا النسبي، وأنّ المرسوم لا بد وأن يُحدّد تاريخ إجراء هذه الإنتخابات، وإلّا لا يكون مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، فهناك المهل والمواعيد التي وردت في هذه المادة من قانون الإنتخاب، لجهة ما ورد في الفقرتين الثانية والثالثة حول تحديد المهلة بين تاريخ المرسوم وإجتماع الهيئات الناخبة بثلاثين يوماً على الأقلّ، وإقفال باب الترشيح للإنتخابات الفرعية قبل 15 يوماً على الأقلّ من الموعد المُحدّد للإنتخاب، وإقفال باب الرجوع عن الترشيح قبل 10 أيام على الأقلّ من موعد الإنتخاب.
شمس الدين: المنافسة في بيروت الأولى والمتن وكسروان
إذا تمّ تحديد موعد لإجراء الانتخابات الفرعية وِفقاً للأصول وقبل إنتهاء المهلة الدستورية في 13 تشرين الأول المقبل، فإن المنافسة ستقتصر على خمسة مقاعد من أصل الثمانية المفترض أن تجري الإنتخابات لملئها بفِعل إستقالة النواب بعد كارثة إنفجار مرفأ بيروت، وهم: سامي الجميّل وإلياس حنكش (مارونيان) – المتن، نديم الجميّل (ماروني) وبولا يعقوبيان (أرمن أرثوذكس) – بيروت الأولى، مروان حمادة (درزي) – الشوف، هنري حلو (ماروني) – عاليه، نعمة إفرام (ماروني) – كسروان وميشال معوّض (ماروني) – زغرتا.
وتشير المعلومات والمعطيات الإنتخابية إلى أنّ المعركة ستكون (في حال حصلت الإنتخابات) في أغلبها في المناطق المسيحية، باستثناء المقعد الدرزي في الشوف، أي بين القوى السياسية المسيحية الأساسية، “التيار الوطني الحرّ” و”القوات اللبنانية” وحزب الكتائب وتيار “المردة” والأحزاب الأرمنية والحزب “السوري القومي الإجتماعي” والنائب ميشال المر الذي يتمتعّ بقوة إنتخابية في منطقة المتن، لتحسين مواقعها وزيادة عدد نوابها في البرلمان.
ويقول الخبير في الشأن الإنتخابي في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ”نداء الوطن”: “كل الأحزاب والقوى السياسية لديها تراجع بطبيعة الحال عن إنتخابات العام 2018، كما أنّ نسبة المشاركة في الإنتخابات الفرعية عادة تكون أقلّ من الإنتخابات العامة، وهذا كلّه سيؤثر في النتائج”.
ويؤكّد شمس الدين أنّ “المقعد الماروني في زغرتا سيحسمه تيار “المردة” لأنه يمتلك الأكثرية، كما أنّ المقعد الدرزي في الشوف سيحسمه الحزب “التقدّمي الإشتراكي”، وكذلك المقعد الماروني في عاليه لأنّه يمتلك الأكثرية، وبالتالي تبقى المعركة والمنافسة محصورة بالمقاعد الخمسة المتبقية ومرهونة بموقف حزب “الكتائب” لجهة المشاركة أو عدمها خصوصاً في المتن وبيروت الأولى، وكذلك موقف النائب المستقيل نعمة إفرام بالنسبة لكسروان”.
ويُضيف: “إذا قرّر حزب “الكتائب” خوض المعركة بالتحالف مع قوى أخرى، وخصوصاً في المتن وبيروت الأولى، تصبح المعركة قاسية في مواجهة “التيار الوطني الحر” وحلفائه كحزب “الطاشناق” و”الحزب السوري القومي”، سيّما وأن النائب ميشال المر وما يمثّله من قوة إنتخابية قد لا يشارك في المواجهة، كذلك قد تكون هناك مواجهة قاسية في كسروان إذا قرّر النائب المستقيل نعمة إفرام خوض المعركة بالتحالف مع “القوات اللبنانية” في مواجهة “التيار الوطني الحرّ”، ولا ننسى النائب السابق منصور غانم البون وقوّته الانتخابية”.
توقيع الرئيسين والظروف
بمعزل عن الجوانب الدستورية والقانونية للمرسوم والجهوزية السياسية للقوى والأحزاب التي قد تتنافس على المقاعد النيابية، يبقى توقيع المرسوم من قبل رئيسي الحكومة حسان دياب والجمهورية ميشال عون، رهناً بالظروف التي يمرّ فيها البلد، إن كان الظروف الأمنية التي تحتاج لإستعدادات لوجستية في ست دوائر إنتخابية، سيّما وأنّ القوى الأمنية وخصوصاً الجيش لديه الكثير من المهام الملقاة على عاتقه بعد كارثة إنفجار المرفأ وإعلان حالة الطوارئ في بيروت، وكذلك الظروف المالية وعدم توفر الموازنة المطلوبة لخطوة كهذه، والظروف الإجتماعية التي لا يزال يعاني منها أبناء بيروت تحديداً، وخصوصاً أبناء منطقة الأشرفية والصيفي والمدوّر ومار مخايل وغيرها، وجلّهم من الناخبين في دائرة بيروت الأولى التي يُفترض أن تجري فيها الإنتخابات على مقعدين، إضافة إلى موضوع إنتشار فيروس “كورونا”.
وعليه، من المرجّح ألا يعمد الرئيسان عون ودياب إلى توقيع المرسوم قبل إجراء سلسلة مشاورات مع المعنيين لمعرفة مدى جهوزية كافة الأجهزة الرسمية والأمنية تِبعاً للظروف السياسية أولاً، ولتطورات تفشّي جائحة “كورونا” ثانياً، كما أنه ليست المرّة الأولى التي يتمّ فيها تجاوز الدستور والقانون، في حال عدم توقيع المرسوم والذهاب نحو الإنتخابات الفرعية، فقد سبق وحصلت في سنوات سابقة، وفي ظروف ربّما أقل خطورة ممّا يمرّ به لبنان.