علنت مصادر مطلعة على أجواء الاتصالات لـ”الجمهورية” انّ الرئيس سعد الحريري لم يقفل الباب امام التفاوض معه لعودته الى رئاسة الحكومة، ولم يقل لا أريد ترؤس الحكومة إنما قال: “أنا لست مرشّحاً”، ما يعني انّ احداً يمكن ان يرشّحه من دون ان يترشح شخصياً، وبهذا يكون قد أحاط نفسه بحماية سياسية يرى انه لا بد منها نتيجة ما تعرّض له خلال عملية التفاوض واصطدامه بمجموعة معطيات سلبية. فرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل مستمر في رفض تسميته لأنه يعتبر انّ التجربة معه فاشلة ويشكّك بقدرته على القيام بالاصلاحات، ورئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع يعلم ان لا ضوء أخضر سعودياً لتسميته، ورئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط يعتبر انّ عودة الحريري ستُعيد تصويب السهام الى كل الطبقة الحاكمة، إضافة الى تراجع الحماسة الفرنسية التي اعتمد عليها الحريري في البداية لمصلحة التسويق الفرنسي مجدداً للمجتمع المدني.
وأشارت المصادر الى انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري عمل في مبادرته الاخيرة لتسمية الحريري على قاعدة عدم العودة الى الاختلال الكبير في التوازن الذي حصل في الفترة السابقة. وشدّد بري على إشراك الطائفة السنية من خلال الممثل الاقوى، وهو مقتنع بأنّ الحريري لديه القدرة على تحويل الاهتمام الدولي بلبنان الى مشروع إنقاذ مالي واقتصادي، خصوصاً انّ كل المساعدات التي تأتي لا احد يضعها في سياق الخطة الاصلاحية لإنقاذ الوضع، ويجب ان يكون هناك من يحوّل هذا الالتفاتة الى مشروع، ويكون لديه إمكانية التواصل مع الخارج لأنّ تجربة الرئيس حسان دياب كانت سيئة، فهو لم يتجه لا شرقاً ولا غرباً فيما الحريري قادر على القيام بهذه المهمة.
واكدت المصادر نفسها أنّ التفاوض لم ينته رغم بيان الحريري، وأنّ مهمة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم مستمرة لتقريب وجهات النظر وتأمين المناخات المناسبة لدعوة رئيس الجمهورية الى الاستشارات، إمّا عبر إقناع عون وباسيل بالذهاب الى خيار الحريري، وإمّا عبر تسويق اسم يتم التوافق عليه ويسمّيه الحريري، وهذا الخيار لا يزال حتى الساعة هو المهمة الأصعب لأنّ الحريري يرفض تسمية أحد لترؤس الحكومة.
ورأت المصادر أنه لا يزال هناك وقت لاستمرار التفاوض حتى نهاية الاسبوع رغم انّ هامشه ضاق خلال الايام المقبلة، وذلك قبل ان يعلن قصر الاليزيه موقفه رسمياً من عودة ماكرون الى لبنان ومساعدته في مهمة الانقاذ او التراجع عنها.