دخل استحقاق تشكيل الحكومة مساراً جديداً مع اعلان رئيس الحكومة السابق سعد الحريري عدم ترشّحه داعياً الى سحب اسمه من التداول بعدما كان رئيس مجلس النواب نبيه بري ادار محرّكاته من اجل “عودة الحريري” الى السراي الحكومي، لأن تجربة الرئيس حسّان دياب لم تنجح.
ويُفترض ان يفتح اعلان الحريري صفحة حكومية بعنوان “حكومة بمواصفات جديدة، رئيساً ووزراء والاهم مقبولة دولياً وداخلياً، خصوصاً من البيئة السنّية التي يُمثّلها الرئيس الحريري ودار الفتوى التي تم تجاوز رأيها في حكومة الرئيس دياب، فكان الفشل مصيرها”.
وفي حال كرر الفريق الحاكم تجربة دياب والاتيان بحكومة لا تحظى بالغطاء السنّي، مع الاصرار على معادلة “التأليف قبل التكليف” التي يعتبرها الشارع الاسلامي السنّي مخالفة فاضحة للدستور وتجاوزاً لصلاحيات الرئاسة الثالثة اولاً ومجلس النواب ثانياً، فإن دار الفتوى وبالتوافق مع رؤساء الحكومات السابقين سيقودون حراكاً للمواجهة من اجل “تجليس” الاعوجاج في مسار التكليف والتشكيل الذي يسلكه العهد كما يعتبرون ضرباً بعرض الحائط نص الدستور واتّفاق الطائف.
وتأتي في الاطار اللقاءات التي يعقدها رؤساء الحكومات السابقين الذين وبحسب معلومات “المركزية” ابقوا اجتماعاتهم مفتوحة بعدما عقدوا اجتماعاً مساء امس في بيت الوسط ليتوجوها بلقاء اسلامي سنّي جامع في دار الفتوى في الساعات المقبلة لاعلان موقف موحّد من الاستحقاق الحكومي و”تصرّفات” العهد في هذا المجال.
وفي السياق، تقول اوساط اسلامية مطّلعة لـ”المركزية” ان “ما يجري الان على الصعيد الحكومي مخالف للدستور ويمسّ حقوق السنّة وصلاحيات رئيس الحكومة. فبدعة “التأليف قبل التكليف” بهدف تأمين التوافق قبل الدعوة للإستشارات النيابية المُلزمة إنتهاك واضح للدستور ولصلاحيات الرئاستين الثانية والثالثة. فرئيس الحكومة المُكلّف هو الذي يُجري استشارات غير مُلزمة مع الكتل النيابية لوضع تصوّر لشكل حكومته. ومجلس النواب هو من يمنح الثقة للحكومة وبيانها الوزاري. لكن ما يجري اليوم ينسف كل هذه المراحل”.
وفي حين تشير المعلومات الى تحرّك على الارض وتحريك الشارع من اجل الضغط في اتّجاه تحديد موعد للاستشارات خلال هذا الاسبوع او الاسبوع المقبل على ابعد تقدير، لاننا لا نملك “ترف” الوقت ولعبة الشروط والشروط المتبادلة”، ذكّرت الاوساط “بأن الثنائي الشيعي “فرض” على الغالبية النيابية ممّا كان يُعرف سابقاً بتحالف الرابع عشر من اذار في مجلسي 2005 و2009 انتخاب الرئيس نبيه بري لرئاسة مجلس النواب من دون نقاش ونقطة على السطر، لانه مرشّح الغالبية الشيعية ورفض مجرد البحث في الموضوع. فلماذا لا يرضخ الثنائي ومعه العهد الى الاقوى في بيئته السنّية ويسلّم بمن يُسمّيه الرئيس الحريري باعتبار انه لم يعد مرشّحاً، وذلك من دون شروط مُسبقة؟ ولماذا هذا التحدّي لرغبة دارالفتوى في تكرار لتجربة الرئيس دياب”؟
واكدت الاوساط الاسلامية “ان رئيس الجمهورية ميشال عون لا يؤمن بالدستور ولا بالقوانين وتجاربه في الحكم تؤكد انه يُطبّق قوانينه الخاصة متجاوزاً المؤسسات والدستور، من هنا نراه هو وصهره النائب جبران باسيل في صراع دائم مع المكوّنات السياسية كافة”، مشددةً على “ان “العقلية العونية” في الحكم من الصعب التعامل معها، مع العلم اننا في الوقت نفسه حريصون على مقام رئاسة الجمهورية”.
على اي حال، تخوفت مصادر معارضة عبر “المركزية” “ان يكون التأخير في تحديد موعد الاستشارات المُلزمة مؤشرا لوجود رغبة شديدة لدى ثلاثي الحكم “التيار الوطني الحر” والثنائي الشيعي في تعديل اتفاق الطائف والدستور وتكريس نظرية الديموقراطية التوافقية مع اعتماد مبدأ المثالثة علانية ورسمياً. وما قاله المفتي الجعفري الشيخ احمد قبلان في رسالة رأس السنة الهجرية ليس بعيداً من هذه الاجواء عندما اشار الى ان النظام السياسي القائم مأزوم ولا بد من الذهاب الى الدولة المدنية واعتماد الديموقراطية العددية.