كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
ينقل كل من التقى وكيل وزارة الخارجية الاميركية ديفيد هيل خلال زيارته الاخيرة الى لبنان تأكيداً أميركياً على عدم تبني اسم اي مرشح لرئاسة الحكومة وكل ما تطلبه بلاده برنامج إصلاحات واضحاً. يناقض هذا الواقع ما أشيع أخيراً من معلومات تحدثت عن أن الأميركيين أبلغوا الحريري عدم قبول التكليف والطلب إليه تبني ترشيح نواف سلام.
بالأمس حاول العاملون على خط مشاورات التكليف إستيعاب طلب رئيس الحكومة السابق سعد الحريري سحب اسمه من التداول لرئاسة الحكومة. لتعود المعلومات إلى الحديث عن أنّ الحريري تلقى إتصالاً من المبعوث الاميركي دايفيد هيل يبلغه فشل المساعي مع المملكة السعودية لدعم تكليفه، متمنياً عليه الإنسحاب لصالح سلام لكون المرحلة ليست مرحلته. جاءت خطوة الحريري مربكة للثنائي الشيعي واستمرت موضع نقاش حتى داخل المكونات السنية الاساسية حيث خضع مضمونها للبحث والتمحيص، في ما حمله من معان وخلفيات. فهل اقفل الباب نهائياً على نية الآخرين في ترشيحه ام أبقاه موارباً. فرئيس مجلس النواب نبيه بري لم يكن مرتاحاً وهو يتبلغ من الحريري رفضه تلبية طموحاته بقبول التكليف. ولم يكن رؤساء الحكومات السابقون أفضل حالاً وقد علموا بالبيان كغيرهم وفوجئوا بمضمونه، من دون ان يفاتحهم الحريري بشأنه خلال الاجتماع الذي جمعهم وتمنى عليهم عدم اصدار بيان عن الاجتماع يومها. وأكثر من ذلك هو عرض على كل من الرئيسين تمام سلام ونجيب ميقاتي القبول بالتكليف فرفضا كل لأسبابه والتي لا تختلف عن أسباب الحريري.
سكت الجميع عن الكلام المباح المتعلق بالتكليف وتراجعت حرارة الاتصالات. لاحظ الساعون ان العلانية تؤخر نضوج النتائج الايجابية فتوارت اتصالاتهم عن الانظار. وهو ما فسر على انه انسداد في أفق المشاورات، لكن بعض المعنيين مباشرة بعملية التشكيل رفض الحديث عن أفق مسدود مستبشراً بتأكيد قصر الاليزيه على موعد زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون بداية الشهر القادم، اي بعد أيام قليلة فاصلة، ما يعني حكماً الاتجاه نحو تحديد موعد للإستشارات النيابية الملزمة قبل ذاك التاريخ. فليس من مصلحة أي طرف عودة ماكرون الذي حثهم على خطوات إنقاذية والبلد بلا رئيس مكلف ولا حكومة. وللإعلان الرسمي عن الزيارة دلالاته.
قرأه بعض المطلعين على الموقف الفرنسي من ناحية عدم إرتباط الزيارة بوجود أشخاص وان ما يهم فرنسا هو التوصل الى حكومة اصلاحات من دون الوقوف على شخص رئيسها ومن دون ان يلغي ذلك مباركتهم ترشيح السفير سلام. بالمقابل تؤكد مصادر مطلعة ان رئيس الجمهورية ميشال عون بصدد الاعلان عن موعد الاستشارات الملزمة يوم غد الجمعة او السبت على ابعد تقدير، كاشفة ان عون كان وبطلب من بري اعطى الحريري مهلة 14 يوماً لبحث امكانية حصوله على ضمانات قبيل قبوله التكليف، لكن الحريري سلم اوراقه معلناً عدم تمكنه من الحصول على الضمانات المطلوبة والتي تؤهله لرئاسة حكومة اصلاحية انقاذية. وتعول المصادر على وعد الحريري بأن يسمي في الاستشارت مرشحاً وهو ما سيمنح الرئيس المكلف الغطاء السني المطلوب. ونتيجة التشاور بين عون وبري تقرر منح الحريري فرصة إضافية حتى نهاية الأسبوع ريثما يحسم الاسم الذي يود ترشيحه لرئاسة الحكومة. ما يفسر ان الكرة لا تزال في ملعب الحريري ريثما يبلغ إسم مرشح كتلته وان تحديد الاسم هو الذي سيحدد موعد الإستشارات وفي حال لم يسم فسيذهب رئيس الجمهورية حكماً نحو موعد ثابت للإستشارات الملزمة.
لكن مصادر أخرى تخالف اجواء التفاؤل هذه لتتحدث عن زيارة مفصلية لماكرون سيبنى عليها لخطوات تصعيدية مقبلة، وتؤكد ان السعودية كما الامارات قالت كلمتها ونقطة على السطر: اي حكومة يشارك فيها “حزب الله” لن تفتح أمامها الابواب العربية وصناديقها.
ويعني هذا الواقع ان لا حكومة في المدى المنظور لاستحالة قبول اي شخصية سنية بالتكليف خارج غطاء الطائفة، في وقت تشتد الضغوط على الحريري للسير بسلام الذي يرفض الثنائي الشيعي كما “التيار الوطني” ترشيحه. محاولات تدور في حلقة مفرغة عنوانها غضب دولي وعربي على لبنان قد يطول أمده الى ما بعد الانتخابات الاميركية او ربما الانتخابات الايرانية، والخناق على لبنان سيشتد بدليل ارجاء مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى دايفيد شينكر زيارته الى لبنان وتجميد ملف الترسيم. وللبحث صلة.