اوضحت اوساط مطلعة لـ ” المركزية” حيثيات الاشكالية القائمة بين وزارة المال والبرنامج الانمائي لمنظمة الامم المتحدة نتيجة عدم تحويل المساهمة المالية المتفق عليها بالدولار الى المنظمة الدولية وفقا للاتفاق القائم بين الطرفين منذ اكثر من عقدين. وعزت المشكلة الناشئة الى سوء ادارة الحكومة للملف المالي والنقدي التي اثمرت وجود سعر رسمي ثابت لصرف الدولار وآخر متحرك في السوق السوداء . ولفتت الى ان لا تغيير حاصلا في الرواتب التي يديرها البرنامج الدولي، ولا سيما ان العقود الموقعة مع الخبراء اللبنانيين هي منذ البداية بالليرة اللبنانية. واضافت ان هذه الرواتب لا تشمل اي تعويضات او معاشات تقاعدية او منحا مدرسية ولا حتى اي ضمان صحي ضمن الدولة او مع القطاع الخاص في حال توقف العمل بالعقود.
وفندت الاوساط نفسها تفاصيل المردود الايجابي الذي يتأتى عن الاتفاق بين الدولة اللبنانية والمنظمة في مجالات عدة. فبالنظر الى السلة الكاملة التي ينتجها هذا الاتفاق مع المنظمة الدولية يحصل لبنان من المنظمة على مساهمات وتمويل مشاريع بقيمة تتراوح ما بين 60 و70 مليون دولار في العام لتغطية حاجات قطاعات مهمشة مقابل مساهمة الدولة بما لا يتخطى خمسة ملايين دولار سنويا.
وبالاضافة الى مساهمة الامم المتحدة المباشرة في البرامج الهادفة الى حماية النساء والاطفال والجماعات المهمشة ومن ضمنها المجموعات اللاجئة، يجدر التوقف عند الخبرات العالية التي يتمتع بها فريق الخبراء اللبنانيين الذين يتم اختيارهم وفق قواعد شفافة للعمل في القطاع الحكومي. كما يجدر الاعتراف بقدرة هذا الفريق العملية على استقطاب الجهات المانحة ضمن مشاريع وبرامج متنوعة، بناء على عامل الثقة الذي يوحي به تاريخه وكفاءته وانجازاته.
ويقدم مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية منذ اكثر من خمسة وعشرين عاما نموذجا حيا عن هذا المسار حيث تخطت الهبات التي ادارها فريق UNDP في المكتب مئة وثلاثين مليون دولار اميركي لتنفيذ كم هائل من المشاريع في الوزارات والادارات العامة. وقد توزعت هذه البرامج بين الادارة المركزية واالسلطات المحلية والمجتمع المدني كشريك اساسي في الاصلاح والتنمية.وقد حاز الفريق على شهادات مشرفة من المؤسسات الدولية.
ولفتت الاوساط الى الاضرار الناجمة عن وقف عمل هذا الفريق ضمن الادارة العامة اللبنانية على اكثر من مستوى من وقف مفاجىء للمشاريع السارية والحاملة آمالا وتوقعات كبيرة الى وقف العمليات الايلة الى استدامة ما تم تنفيذه خلال عمليات المتابعة والتقييم المستمر الى اجهاض الخطط الاستراتيجية ومن ضمنها استراتيجية التحول الرقمي اوالمشاريع الموضوعة لتنفيذها. ولعل ردات الفعل المستهجنة للجهات الحكومية المتعاونة مع المكتب تشكل بوصلة لما يحمله القرار المريب بوقف العمل بالاتفاقية مع المنظمة الدولية وفريق عملها من تدمير للعمل الاصلاحي العلمي والحديت الذي يقوده المكتب من خلال وضع الخطط والاستراتيجيات والمشاريع في مهب الريح . وتنبع هذه القناعة من وجود فريق مركزي قادر على تأمين الدعم لمجموعة كبيرة من الادارات والوزارات، بنوعية عالية وكلفة محدودة بدلا من انشاء فرقة خاصة لكل ادارة .
ففيما كان مشروع مكننة المحاكم يتقدّم بخطوات ثابتة لتعميمه على المحاكم كافة بعد تطبيقه واستخدامه في محاكم التمييز والاستئناف وغيرها من محاكم بيروت وذلك منذ أواخر 2019. يشكل كف يد الخبراء التقنيين عنه ، وعددهم لا يتجاوز اصابع اليد، ضربة قاصمة لتحديث العمل القضائي. فبعد سنوات من الانتظار، وبعدما حمل هذا المشروع ، آمالا كبيرة، يؤدي توقّف عمل أنظمة مكننة المحاكم ومراكز البيانات في مجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل الى خسارة المشروع الممول بهبة اوروبية مقدارها عشرة ملايين يورو . كما انه يدحض الثقة بالحكومة اللّبنانبة قاطعا الطريق امام تقديم اي مساعدة مستقبلية لتطوير اي مرفق في الادارة العامة.
ومن نافل القول ان الاضرار لا تتوقف عند هذا المشروع وحده بل تشمل كل برامج المكننة والدعم التقني وبرامج أمن المعلومات وبرامج مكافحة الفيروسات في حوالي 90 في المئة من إدارات الدّولة وبشكل خاص الدّعم التقني المقدّم لرئاسة مجلس الوزراء، وزارة العدل، ومجلس الخدمة المدنية، والضّمان الاجتماعي ووزارة الاقتصاد ووزارة الصناعة والمجلس الإقتصادي والإجتماعي، والمعهد الوطني للإدارة وايدال وغيرها من الإدارات.
وفي حين يتولى فريق المكتب العمل على استضافة المواقع الالكترونية للادارة العامة وتأمين خدمة الدعم التقني لها، يهدد وقف الفريق عن العمل اكثر من 90 موقعا الكترونيا حكوميا بالتوقف، بما فيها الموقع الالكتروني لرئاسة الحكومة، ووزارة الدفاع وأمن الدّولة والدّفاع المدني ووزارة الدّاخلية والبلديّات وإدارة المناقصات ووزارة الصّناعة ووزارة البيئة علما أنّ بعض هذه المواقع تتضمّن تطبيقات تفاعلية لخدمة المواطن. كما ان توقف فريق العمل سوف ينتج عنه ايضا إيقاف بوّابة التّعلّم الإلكتروني والخدمات التي تقدمها لكافة موظّفي القطاع العام فضلا عن توقف بوابة الحكومة اللبنانية للمعلومات “دولتي” عن خدمة المواطنين.
وفي غيض من فيض عن النتائج الهدامة لوقف العمل مع خبراء التنمية الادارية، يندرج وقف البرامج المشتركة بين مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الادارية والهيئات الرقابية المدعومة من الاتحاد الاوروبي ومنظّمة التّعاون الاقتصادي والتنمية والصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي والمتعلّقة بتقييم أداء الأفراد وتقييم الأداء المؤسسي والقطاعي وأنظمة التعيين والتّرفيع وإدارة حديثة للموارد البشرية وتبسيط الإجراءات الإدارية وإعادة هيكلة الإدارات ودعم المعهد الوطني للإدارة.
كما ان لا بد من ذكر وقف إدارة عدد من المشاريع المتعلّقة بعقود النّفايات الصلبة المموّلة بهبات من الإتحاد الأوروبي، بما في ذلك وقف تمويل التّشغيل والإدارة في 17 مركز معالجة للنّفايات الصّلبة تستفيد منها مئات البلديات. وحدث ولا حرج عن إهدار العمل التراكمي المؤسسي على مر السنين لمجموعة من البرامج الهادفة فضلا عن فسخ الشراكات الإستراتيجية بشأن الحكومة المفتوحة، والإتّصال العام، وتقييم الأثر التّنظيمي.ووقف الشراكة والتّعاون مع الإتّحاد الأوروبي في الأنشطة الحالية والمستقبلية في إطار برنامج الدّعم التّقني للحكومة وإنهاء عقود الموردين البالغة حوالي 22 مليون دولار (المبلغ غير المصروف 9 مليون دولار) من دون تصفية حقوقهم بطريقة قانونية وسليمة.
اضرار كثيرة والحبل على الجرار…