في وقت لا يشك أحد في أن دعوة الهيئات الناخبة إلى الانتخابات الفرعية المخصصة لملء الشواغر التي أحدثتها استقالات النواب، إرادة لدى أركان الحكم للايحاء بأن الدولة يمكن أن تسير أعمالها ومؤسساتها بشكل طبيعي، مع العلم أن وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي عدد الأسباب التي قد تحول دون اتمام هذا الاستحقاق طبقا لما ينص عليه الدستور، فإن مصادر سياسية تحذر عبر “المركزية” من أن هذه الدعوة قد تحمل بين طياتها نوعا من الفخ السياسي الذي تنصبه السلطة للمعارضة, ذلك أن النواب الذين أقدموا على الاستقالة على إثر انفجار المرفأ الذي فجر غضبا شعبيا غير مسبوق، هم أولئك المعارضون للحكم ولحكومة الرئيس حسان دياب كما للنهج السياسي السائد في البلد برمته.
وتذكر المصادر في هذا الاطار أن النائب المستقيل مروان حمادة الذي كان أول من اتخذ قرار الخروج من الندوة البرلمانية قفز فوق انتمائه الجنبلاطي وحسابات المختارة الدقيقة ليستجيب لطلب الناس التخلص من الطبقة السياسية الحاكمة، وهو الذي كان صاحب المواقف الحادة إزاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصرالله. أما على خط الكتائب، وتفاديا لاصطياد المتضررين في الماء العكر، فقد انسحبت الكتلة الثلاثية، ليلحق بها النائب الاشتراكي هنري حلو والنواب المستقلون ميشال معوض ونعمت افرام وبولا يعقوبيان.
وبذلك، تضيف المصادر تكون المعارضة قد فقدت أوراقا نيابية بارزة، فضلت الاستجابة لصرخات الناس في الشارع المنتفض.
الأهم بحسب المصادر يكمن في أن الدفع في اتجاه انتخابات فرعية لا تجد متحمسين لها حتى اللحظة قد تضع المستقيلين وأحزابهم في موقع حرج، حيث أن احتمال الاقدام على خوض المنازلات الفرعية قد يصيبهم بنكسة شعبية كبيرة يبدو الجميع في غنى عنها، على اعتبار أن الخروج من مجلس النواب على وقع الغضب العارم لا يتيح العودة إليه بسهولة عند أول فرصة دستورية سانحة. وتختم داعية المستقيلين إلى مواصلة النضال في سبيل انتخابات نيابية عامة مبكرة على أساس قانون جديد، وإلى دعم مرشحين عن المجتمع المدني في الاستحقاق الفرعي، حتى لا توسع قوى السلطة حضورها في المجلس النيابي، على حساب المعارضين.