بانتظار عودة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى بيروت، للاحتفال بمئوية انشاء لبنان الكبير ومتابعة مبادراته السياسية التي اطلقها من شوارع العاصمة اللبنانية التي زارها عقب انفجار بيروت، اطلق وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان أخطر تحذير، معتبرا أن لبنان الحديث الذي ساهمت باريس في تأسيسه قبل 100 عام قد يختفي من الوجود.
وقال لودريان، امس، إن «لبنان يواجه خطر اختفاء الدولة بسبب تقاعس النخبة السياسية التي يتعين عليها تشكيل حكومة جديدة سريعا لتنفيذ إصلاحات ضرورية للبلاد»، مشيرا الى ان «المجتمع الدولي لن يوقع شيكا على بياض إذا لم تنفذ السلطات الإصلاحات. عليهم تنفيذها سريعا… لأن الخطر اليوم هو اختفاء لبنان».
ويبدو أن الضغوط الفرنسية قد فتحت كوة في جدار الحكومة؛ فمصادر رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري تقول إنه عاد على خط الدفع لاخراج عملية تشكيل الحكومة من عنق الزجاجة العالق فيه بعد الوصول الى الحائط المسدود في ترؤس رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الحكومة الجديدة.
وبحسب مصادر بري فإن الأخير يحاول جاهدا ايجاد ولو «كوة» فيما دعا اليه ماكرون لجهة تشكيل حكومة تأخذ على عاتقها تنفيذ الاصلاحات الموعودة والتي تتمحور حول إجراء الإصلاحات ووقف الهدر والفساد في الدولة ومؤسساتها وتعيين مجالس الادارة والهيئات الناظمة للعديد من المرافق في الدولة.
لكن مصادر متابعة قالت إن «افق ايجاد صيغة وزارية جامعة ذات برنامج اصلاحي ليس مسدودا كما يروج وإن رئيس الجمهورية ميشال عون يعمل على مبادرة ما على هذا الصعيد». وأشارت المصادر إلى ان «عون يضع بين يديه عددا من الاسماء المطروحة لرئاسة الحكومة المقبلة التي قد تفضي اليها الاستشارات النيابية، سيستعرضها والرئيس الفرنسي الأسبوع المقبل، على ان يطلب مساعدة ماكرون في توفير الدعم الخارجي المطلوب في هذا الاطار وذلك بعدما يكون عون قد استبق ذلك بالدعوة الى الاستشارات المرجح ان تكون خلال الساعات الثماني والاربعين المقبلة».
في موازاة ذلك، وبعد الكلام المتداول اعلاميا عن مضمون اللقاء بين بري ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل والذي عقد الاسبوع الماضي، أوضح المكتب الاعلامي لباسيل، في بيان امس أن «بعض الإعلاميين العاملين في صحف ومحطات تلفزيونية، يتعمدون اختلاق المعلومات عما دار في الاجتماع، بنية مغرضة ترمي الى التشويش على المشاورات الايجابية الجارية في الشأن الحكومي وإخراجها عن سياقها الحقيقي وربطها زورا بالأسماء والمقاعد والحقائب والتشكيلات الحكومية، في حين أن ايا من هذه التفاصيل لم يتم التطرق اليه اطلاقا».
وكان باسيل تلقى، امس، اتصالا من نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، وتم البحث في الأوضاع المحلية والاقليمية في ضوء التطورات في المنطقة وأهمية العمل للحفاظ على الاستقرار في ظل الأزمة العميقة التي يمر بها لبنان.
الى ذلك، أكد الرئيس عون انه ليس نادما «قطعا على كونه رئيسا للجمهورية في هذا الظرف الصعب»، مشددا على أنه ليس في وارد الاستقالة من منصبه.
وأعرب في حديث لمجلة «باري ماتش» الفرنسية، امس، عن تصميمه على «وضع حد للفساد من خلال تطبيق القوانين»، مشيراً إلى ان «معضلة الفساد مزمنة في لبنان، وهناك منظومة سياسية تحمي الفاسدين وتتستر على ممارساتهم، كونها مستفيدة من ذلك بطريقة مباشرة. ومن الصعوبة بمكان كسر هذه الحلقة المتينة والمتجذرة، التي تتخطى الانقسامات السياسية لتلتف حول مصالح مالية». ولفت الى انه «ما من احد من افراد عائلته متورط في الفساد.
في موازاة ذلك، قال وزير الخارجية الكندي فرانسوا فيليب شامبين خلال زيارته لبنان، امس، إن بلاده «عرضت الانضمام إلى التحقيق اللبناني في الانفجار المزلزل الذي وقع بمرفأ بيروت هذا الشهر لكن بشروط تضمن إجراء تحقيق شفاف ذي مصداقية يتوصل إلى حقيقة ما حدث».
وأضاف بعد لقائه عون: «نريد ان نكون جزءا من عملية إعادة الاعمار واعتقد ان كندا كانت دائما تقف الى جانب لبنان، ونحن لسنا هنا اليوم فحسب بل نريد ان نكون على المدى الطويل وان نستمر في ذلك»، مبيناً أن «الإصلاحات يجب ان تكون مترافقة مع دعم دولي وخطوات اصلاحية جدية، ويجب على الحكم ان يكون مفتاح الحل».
في غضون ذلك، دعي مجلس الأمن الى التجديد لقوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان «اليونيفيل» لسنة واحدة مع خفض عدد الجنود من 15 ألف جندي إلى 13 ألفاً، والطلب من بيروت تسهيل الوصول إلى أنفاق تعبر الخط الأزرق الذي يفصل لبنان عن إسرائيل، وذلك في جلسة يعقدها اليوم. وينص مشروع القرار على أنه «إقرارا منه بأن اليونيفيل طبقت ولايتها بنجاح منذ عام 2006، ما أتاح لها صون السلام والأمن منذ ذلك الحين» فإن المجلس «يقرر خفض الحد الأقصى للأفراد من 15 ألف جندي إلى 13 ألفا».
ويدعو النص الذي صاغته فرنسا، «الحكومة اللبنانية إلى تسهيل الوصول السريع والكامل لليونيفيل إلى المواقع التي تريد القوة التحقيق فيها بما في ذلك كل الأمكنة الواقعة شمال الخط الأزرق، المتصلة باكتشاف أنفاق تسمح بعمليات توغل».
وقال دبلوماسيون إن «الولايات المتحدة، أصرت خلال المشاورات على خفض عدد قوات اليونيفيل وانتقدت في الوقت نفسه عدم تحركها في مواجهة حزب الله الذي يتمتع بوجود قوي في جنوب لبنان». ورأى مراقبون ان «قرار مجلس الأمن لن يغير كثيرا، لأن عديد جنود حفظ السلام التابعين لليونيفيل يبلغ حاليا عشرة آلاف و500 جندي».