كتب علي بردى في صحيفة “الشرق الأوسط”:
بذل المفاوضون الفرنسيون جهوداً دبلوماسية مكثفة لإقناع نظرائهم الأميركيين بمشروع قرار في مجلس الأمن «يضع أسساً جديدة» لمهمة القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان، ويمدد مهمتها عاماً إضافياً بعد مفاوضات طويلة وصعبة تخلّت فيها الولايات المتحدة عن مطلب تقليص المدة إلى ستة أشهر، ولكنها نجحت رغم الاعتراضات الصينية في وضع جدول زمني يبدأ عملياً في 31 تشرين الأول المقبل لتطبيق توصيات الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش في شأن ما يحول دون منع المسلحين والأسلحة في منطقة عمليات القوة الدولية طبقاً للقرار 1701.
وبعد مفاوضات صعبة وطويلة شهدت دخولاً غير معهود من الصين التي وضعت اقتراحات عدة توجتها بمشروع قرار، وضعت فرنسا، حاملة القلم لدى مجلس الأمن، مشروع القرار بالحبر الأزرق، أملاً في التصويت عليه في الموعد المحدد صباح الجمعة بتوقيت نيويورك. غير أن الولايات المتحدة اعترضت على إجراء التصويت بصورة شخصية، طالبة استبداله من خلال تصويت بالمراسلة وفق القواعد المتبعة منذ تفشي وباء «كوفيد 19» في نيويورك. وهذا يستوجب 24 ساعة لمعرفة نتيجة تصويت الأعضاء الـ15 في مجلس الأمن على مشروع القرار.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن «الولايات المتحدة طلبت من فرنسا إدخال المزيد من التعديلات حول نقطتين رئيسيتين إحداهما تتعلق بوضع جدول زمني متكامل لتطبيق توصيات الأمين العام للأمم المتحدة في شأن منع المسلحين والأسلحة داخل منطقة عمليات اليونيفيل بين الخط الأزرق ونهر الليطاني، وهذا ما يعني حزب الله مباشرة».
ولاحظ أكثر من دبلوماسي في مجلس الأمن أن «الصين دخلت بقوة وبشكل غير معهود على خط المفاوضات في شأن اليونيفيل»، إذ قدم دبلوماسيوها «اقتراحات مفصلة ومشروع قرار منفصل لتجديد مهمة اليونيفيل بالتوافق مع الحكومة اللبنانية» فيما بدا أنه محاولة من أجل «مقابلة ضغوط الولايات المتحدة لإدخال تغييرات جوهرية على التفويض الممنوح لليونيفيل بموجب القرار 1701». غير أن فرنسا «تعاملت مع الاقتراحات الصينية كجزء من اقتراحات قدمتها دول أخرى مثل إندونيسيا، التي تساهم بالعدد الأكبر من الجنود في اليونيفيل، أو مثل تونس التي حرصت على إدخال فقرات خاصة بدعم لبنان والشعب اللبناني عقب انفجار مرفأ بيروت». ورفض ممثلو العديد من الدول أي ذكر للحكومة اللبنانية في هذا السياق. ورفضت الولايات المتحدة أن تكون للصين «أي كلمة فصل» في شأن «اليونيفيل».
ووفقاً للنسخة الزرقاء التي حصلت عليها «الشرق الأوسط»، يمدد مجلس الأمن مهمة اليونيفيل حتى نهاية آب 2021 بغية مواصلة تطبيق القرار 1701، ويرحب في الفقرة العاملة الثامنة بتقرير الأمين العام عن «تقييم الأهمية ذات الصلة لموارد اليونيفيل وخياراتها لتحسين الكفاءة والفعالية بين اليونيفيل ومكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، مع مراعاة سقف القوات والعنصر المدني في اليونيفيل». ويطلب منه أن «يضع خطة مفصلة، مع جداول زمنية ونماذج محددة، بالتشاور الكامل والوثيق مع الأطراف، بما في ذلك لبنان والبلدان المساهمة بقوات وأعضاء مجلس الأمن، لتنفيذ التوصيات، بحسب المقتضى. ويطلب منه كذلك أن يقدم العناصر الأولى من تلك الخطة إلى مجلس الأمن في غضون 60 يوماً من اتخاذ هذا القرار». ولم تنجح الطلبات الواردة من بيروت عبر البعثة اللبنانية في إدخال إشارة إلى «ضرورة التنسيق مع الحكومة اللبنانية. ولذلك جرى الاكتفاء بكلمة لبنان». ومع ذلك، أصرت واشنطن على «لغة أوضح في شأن الجدول الزمني لمنع نشاط المسلحين والأسلحة في منطقة عمليات اليونيفيل». وكذلك أدخل الجانب الفرنسي فقرة جديدة تنص على أن مجلس الأمن «إذ يعترف بأن اليونيفيل نفذت تفويضها بنجاح منذ عام 2006 وسمحت بصون السلام والأمن منذ ذلك الحين، يقرر السماح بخفض الحد الأقصى لعدد القوات المنصوص عليه في الفقرة 11 من القرار 1701 من 15000 جندي إلى 13000 جندي، من دون المساس بإمكان زيادة عدد القوة في المستقبل في حال أوجب الوضع الأمني المتردي هذه الزيادة لتنفيذ القرارات 425 و426 و1701». وكذلك أصرت واشنطن حتى بعد الظهر على خفض السقف إلى أقل من عشرة آلاف جندي.