كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
في خضمّ أزمة التكليف، أُعلن عن وصول مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى دايفد شينكر الى لبنان الاربعاء المقبل بعد ان كانت أرجئت. وحتى ليلة امس لم يطلب المبعوث الاميركي اي موعد للقاء المسؤولين اللبنانيين في حين تحدثت معلومات عن ان شينكر سيحصر زيارته بلقاء مجموعة من الناشطين في المجتمع المدني. ويأتي ذلك عقب اعلان فرنسي ورد على لسان مسؤول في الرئاسة الفرنسية اعتبر فيه ان “الوقت حان لتنحي الأحزاب السياسية اللبنانية جانباً موقتاً وضمان تشكيل حكومة تعمل على التغيير”، مستبقاً بذلك زيارة مقررة للرئيس إيمانويل ماكرون لبيروت يومي الاثنين والثلثاء المقبلين. وفي حين سيلتقي ماكرون الاقطاب السياسيين مجدداً فان ثمة من يتخوف من وجود خلفيات أميركية تشجع على الفوضى. وفي حال لم يلتق اياً من المسؤولين، فيعني ذلك ان زيارة شينكر لا ترتبط بملف ترسيم الحدود وفق ما كان متوقعاً. فخلال زيارته الاخيرة ابلغ دايفيد هيل رئيس مجلس النواب نبيه بري ان الاميركيين لا يزالون بانتظار جواب الجانب الاسرائيلي حول طروحات لبنان المتعلقة بالترسيم. فهل حضر حاملاً مثل هذا الجواب لإبلاغه ام ابلاغ لبنان رسائل متصلة بتشكيل الحكومة.
وارتباطاً بملف الحكومة ايضاً كان الجميع بانتظار اجتماع رؤساء الحكومات السابقين للبناء على نتائجه. غير ان هذا الاجتماع الذي كان مأمولاً ان يخرج بالاتفاق على ثلاثة مرشحين يتم الاختيار من بينهم انتهى ولم يتم الإعلان عن أي قرار بشأن التسمية في الإستشارات النيابية، وتم الاتفاق على إبقاء الاجتماعات مفتوحة. وعلم ان المجتمعين لم يتمكنوا من إقناع الحريري بتبني ترشيح السفير نواف سلام الذي تداولوا بترشيحه مصراً على عدم تسمية اي مرشح من ناحيته. اعتبر رؤساء الحكومات السابقون ان لا مبرر لإعلان اسم مرشحهم طالما ان هناك متسعاً من الوقت حتى صباح الاثنين. ولم يخلُ النقاش من التطرق لاسم نواف سلام وأن منهم من يعتبر أن مهمته لن تنجح من دون توافق الجميع عليه خصوصاً الثنائي الشيعي. وطالما لا يزال هناك متسع من الوقت فقد ارتأى المجتمعون الابقاء على التشاور في محاولة للخروج باسم يتفقون عليه. ومع ذلك تعاطى الثنائي الشيعي مع المسألة بأن الوقت المحدد للاستشارات لا يزال يسمح بتأمين الاتفاق على مرشح، وفي اعتقادهم ان الحريري الذي تجنب تسمية سلام المرة الماضية لن يتجه إلى إحراجهم بأن يفعل اليوم.
وكان تحديد رئيس الجمهورية ميشال عون موعد الاستشارات النيابية قطع الطريق على رؤساء الحكومات الذين أعدوا بياناً عنيفاً يدافع عن صلاحيات رئيس الحكومة ويهاجم مشاورات التأليف قبل التكليف. وطالما حدد الموعد فقد آثروا عدم الاعلان عن اتفاقهم قبل ساعات من الاستشارت النيابية ما فسر على انه محاولة لتطويق الحريري.
من اليوم وحتى صباح الاثنين سيكون لبنان امام أسوأ ايامه واكثرها حراجة لدخوله الى استشارات، ولأول مرة من دون اتفاق مسبق على اي مرشح لرئاسة الحكومة يحظى بأكثرية تخوله تشكيل حكومة، ما يضع البلاد امام احتمالات احلاها مر، وسببها الاساسي امتناع الرئيس سعد الحريري عن تسمية مرشحه خلال الاجتماع الذي جمعه والوزير السابق علي حسن خليل ليلة اول من امس، فإما نكون امام استشارات مشرذمة النتائج، او يمون “حزب الله” على عون بالارجاء لمزيد من التشاور، او يتم الاتفاق على شخصية وهذا مستبعد حتى الساعة، او ان تحظى شخصية بغالبية الاصوات ويكلف ولا يؤلف.
وكان ينقص التخبط الذي ترزح البلاد تحت وطأته أن يعلن مسؤول في الرئاسة الفرنسية أن “الوقت حان لتنحي الأحزاب السياسية اللبنانية جانباً موقتاً وضمان تشكيل حكومة تعمل على التغيير”، مستبقاً بموقفه هذا زيارة ماكرون لبيروت يومي الاثنين والثلثاء المقبلين، وعشية الاستشارات النيابية الملزمة التي دعا اليها رئيس الجمهورية ميشال عون الاثنين المقبل. موقف مربك لا تفسير له. فهل ينوي ماكرون مفاتحة المسؤولين بتصوره هذا فيكون المقصود تشكيل حكومة من شخصيات من المجتمع المدني، كتلك التي اجتمع بها لدى زيارته الاخيرة والتي تجمعها مع الفرنسيين علاقة وطيدة، لنكون بذلك امام طرح فرنسي جديد يناقض ما سبق وأعلنه ماكرون من حكومة جامعة او حكومة اقطاب، كتلك التي يطالب بها عون مطعمة بشخصيات مدنية؟
بتنا امام ازمة تطاول كل الاطراف، فلا الحريري بوارد الموافقة على تكليف من دون مباركة سعودية وتبنٍ دولي، ابلغ عدم توافره ولا تمام سلام موافق على تكليفه واشترط لقبول التكليف موافقة سعودية وان يرشحه الحريري مباشرة، أما نجيب ميقاتي فرفضه لم يقنع الآخرين ممن يتحدثون عن محاولات بذلها في هذا المجال وباءت بالفشل. وخارج هؤلاء تم التداول امس بأسماء الوزيرين السابقين حسن منيمنة ورشيد درباس كمرشحين محتملين غير مستفزين سنياً، وان احدهما طلب مهلة للتفكير قبل الاجابة.
الى ذلك، قالت مصادر اخرى إطّلعت على المباحثات ان رؤساء الحكومات يحاولون فتح المجال امام الحريري ليعود مرشحاً من جديد وهذا بالتقاطع مع بري، ولذلك لم يصدر عنهم موقف علني بإنتظار ان يعلنوا الأحد مساء ترشيحهم للحريري وتمنّيهم عليه ان يعود عن اعتكافه.
وعلم في هذا المجال ان “التيار الحر” أبلغ رسمياً من يعنيهم الامر انه لن يرشح الحريري ولن يمنع وصوله ولن يشارك، وهو درس مبادرة متكاملة سيكشف عنها خلال زيارته ماكرون وهي تتصل بحلول لجميع الأزمات.