برز فجأة اسم السفير اللبناني في ألمانيا مصطفى أديب لتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة. وتوقعت مصادر سياسية لبنانية تكليف أديب بتشكيل الحكومة الجديدة بعد موافقة رؤساء الحكومات السابقين عليه.
وينحدر أديب من طرابلس وكان مديرا لمكتب نجيب ميقاتي عندما كان رئيسا للوزراء في سنة 2011.
وذكرت مصادر سياسية لبنانية أن أديب قريب من الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل ومعروف بمواقفه المؤيدة لهذا الثنائي، لكن رؤساء الوزارات السابقين وافقوا على تكليفه بتشكيل الحكومة وذلك بهدف تفادي أي صدام مع الثنائي الشيعي.
وأعلن رؤساء الحكومات السابقون نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام الموافقة على ترشيح أديب، عشية بدء الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة الجديدة.
وبرز اسم مصطفى أديب، وهو أستاذ جامعي سبق أن عمل مديرا لمكتب رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي، وليس معروفا أن لديه مؤهلات سياسية عالية تساعد على تخطي لبنان للمشاكل السياسية والاقتصادية التي يمر بها، حسب سياسيين لبنانيين يعرفون أديب عن قرب.
وينتظر ما ستسفر عنه المشاورات النيابية الملزمة التي سيجريها اليوم الاثنين رئيس الجمهورية ميشال عون من أجل تكليف شخصيّة سنّية بتشكيل الحكومة اللبنانية، في وقت انشغل فيه اللبنانيون بكلام الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الذي أعلن فيه عن الاستعداد للبحث في “عقد سياسي” جديد بين اللبنانيين.
وقال نصرالله في خطاب بمناسبة ذكرى عاشوراء “سمعنا دعوة من الرئيس الفرنسي في زيارته الأخيرة للبنان إلى عقد سياسي جديد”.
وأضاف “نحن منفتحون على أي نقاش هادف في هذا المجال (…) لكن لدينا شرط أن يكون هذا النقاش وهذا الحوار اللبناني بإرادة ورضا مختلف الفئات اللبنانية”.
وقالت مصادر سياسية لبنانية إن نصرالله تلقّف في مناسبة ذكرى عاشوراء كلاما سابقا للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليعيد طرح المشروع القديم لحزب الله. ويدعو هذا المشروع إلى تعديل اتفاق الطائف وإحلال المثالثة بدل المناصفة. وتعني المثالثة توزيع المناصب في لبنان بين المسيحيين والسنّة والشيعة بدل أن يكون التقسيم بين المسيحيين والمسلمين.
وهناك 18 طائفة في لبنان وتتوزع مقاعد البرلمان مناصفة بين المسيحيين والمسلمين، في عرف فريد من نوعه في الدول العربية. ورغم ذلك فشلت الحكومات المتتالية، التي شُكلت في ظل النظام القائم، في تلبية المطالب الشعبية لجهة تحسين الظروف المعيشية.
وأوضحت هذه المصادر أن الأمين العام لحزب الله يسعى إلى استغلال عودة ماكرون إلى بيروت المتوقعة مساء الاثنين كي يكون حاضرا في ذكرى مرور مئة عام على إعلان دولة “لبنان الكبير”، ليؤكّد أن الصيغة اللبنانية القديمة لم تعد صالحة في ضوء الدور الكبير الذي باتت الطائفة الشيعية تلعبه على المستوى الوطني.
وقال ماكرون الجمعة إن “القيود التي يفرضها النظام الطائفي” في لبنان أدت “إلى وضع يكاد لا يوجد فيه أي تجديد سياسي وحيث تكاد تكون هناك استحالة لإجراء إصلاحات”.
ولاحظت المصادر أنّ الأمين العام لحزب الله لم يكتف بالإعلان عن دعم “عقد سياسي” جديد بين اللبنانيين، ناقلا طرح المثالثة إلى مرحلة أكثر جدّية، بل عمل حزبه على إنزال المئات من عناصره إلى شوارع بيروت لتخويف الناس العاديين.
ووصفت المصادر السياسية ذلك بأنّه تحدّ واضح لأهل السنّة. وقد رفعت تلك العناصر التي جابت شوارع العاصمة على دراجات نارية وحطمت الكراسي في ساحة الشهداء وسط المدينة لمنع الاحتفال بذكرى مئوية “لبنان الكبير” شعارات مذهبية وأطلقت هتاف “شيعة، شيعة، شيعة”.
وكان لافتا استمرار البطريرك الماروني بشارة الراعي في طرح “حياد” لبنان داعيا مجددا إلى احترام الدستور وأن يكون قرار السلم والحرب في يد مجلس الوزراء وليس في يد حزب الله.
ودعا الراعي خلال ترؤسه قداس الأحد، في الصرح البطريركي الصيفي، بالديمان شمالي لبنان، إلى “تشكيل حكومة مصغّرة لتنهض الدولة من حضيض بؤسها الاقتصادي والمالي وتحقق الإصلاحات المطلوبة”.
وقضت العاصمة اللبنانية ليلة دامية في الرابع من آب، جراء انفجار ضخم في مرفأ بيروت، خلّف ما يزيد عن 180 قتيلا وأكثر من ستة آلاف جريح، وعشرات المفقودين، إلى جانب دمار مادي هائل، بخسائر تُقدر بنحو 15 مليار دولار، بحسب تقدير رسمي غير نهائي.