Site icon IMLebanon

أسبوع لاختبار نيات القوى السياسية في تشكيل الحكومة الجديدة

كتب محمد شقير في “الشرق الاوسط”:

قالت مصادر سياسية لبنانية واسعة الاطلاع، إنه من السابق لأوانه إصدار الأحكام المسبقة أكانت سلبية أو إيجابية، على تكليف الدكتور مصطفى أديب تشكيل الحكومة الجديدة، وإن هناك ضرورة للتريّث إلى حين تشكيلها، ومن ثم التأكّد من ردود الفعل العربية والدولية للوقوف على مدى استعدادها لتوفير الدعم لها وما إذا كانت تسميته مشغولة من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (وصل مساء أمس الاثنين إلى بيروت) الذي أشرف شخصيا وقبل أيام من وصوله ليل أمس إلى بيروت على تأمين التأييد له، خصوصا أن تكليفه يسبق مجيء مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكر غدا الأربعاء في زيارة هي الثانية له للبنان.

ولفتت المصادر السياسية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن حصول أديب على ما يشبه الإجماع في تسميته من النواب يفترض الانتظار للتأكد ما إذا كانت ولادة الحكومة ستتم بسرعة، وفي غضون نحو أسبوع أم أنها ستخضع إلى ابتزاز مرده إلى الخلاف على توزيع الحقائب، مع أن التوجّه لدى معظم الذين رشّحوه لتولي رئاسة الحكومة يضغط باتجاه تشكيل حكومة من اختصاصيين تكون على قياس التحدّيات التي ترمي بثقلها على كاهل البلد وأبرزها إعادة إعمار بيروت ووقف الانهيار المالي والاقتصادي.

ورأت أن النواب سيخضعون لاختبار للنيّات فور فتح ملف تشكيل الحكومة للتأكد مما إذا كان ترشيحهم لأديب ينمّ عن قناعة، أم أنهم رأوا بأن هناك ضرورة للاستجابة لرغبة ماكرون، وبالتالي لا مفر أمامهم سوى القيام بواجباتهم مراعاة له. واعتبرت أن التزامن بين زيارة ماكرون لبيروت ومجيء شينكر سيكون بمثابة مؤشر لاختبار مدى التطابق بين باريس وواشنطن لوضع حد لكل ما تردد بأن الأخيرة أعطت لماكرون نصف ضوء أخضر لاختبار مدى قدرته على وقف تدحرج لبنان إلى الهاوية، خصوصا أنه يتعامل مع عامل الوقت على أنه هدر للفرص سيؤدي إلى زوال لبنان. ورأت هذه المصادر أن تسمية أديب بدعم من رؤساء الحكومات السابقين وبتدخّل مباشر من ماكرون سيضع هؤلاء الرؤساء أمام مسؤوليتهم في توفير الدعم لها ولم يعد في مقدورهم كما في السابق التذرّع بأن تسمية رئيس الحكومة من «صلاحية» «حزب الله» وحليفه «التيار الوطني الحر».

وبكلام آخر، فإن دعم الرؤساء لأديب وفّر له أوسع تمثيل للطائفة السنّية بخلاف سلفه الرئيس حسان دياب الذي أُقيل في شارعه قبل أن يستقيل دستوريا، وبالتالي فإن مجرد تعثّره سيرتدّ سلبا عليهم. لذلك، فإن أديب لن يكون – كما يقول أحد رؤساء الحكومات السابقين لـ«الشرق الأوسط» – حسان دياب آخر وهو يرفض تشكيل حكومة تكنوقراط تؤتي بوزراء يكونون بمثابة نسخة طبق الأصل عن أسلافهم بل سيتم اختيارهم من أهل الاختصاص ولديهم خبرة في الحقلين العام والخاص.

ويضيف أن مشكلة دياب في اختيار الوزراء تكمن في أنه استعان بوزراء من التكنوقراط اضطر معظمهم للاستعانة بخبراء وهذا ما أفقدهم القدرة على إدارة شؤون وزاراتهم التي أصبحت في عهدة الخبراء الذين تصرّفوا على أنهم وزراء أصيلون، ويؤكد أن الوزراء في الحكومة الجديدة لن يكونوا من الأطقم السياسية بل من طينة رئيسهم.

وعليه، فإن المهمة الأولى للحكومة الجديدة تكمن في وقف التدهور المالي والاقتصادي وفي إعداد برنامج إصلاحي يُفترض أن يتم التفاهم عليه بالتلازم مع اختيار الوزراء وأن تُعطى الأولوية لإعادة إعمار بيروت وإنجاح المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات مالية لدعم خطة التعافي المالي.

وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن السرعة مطلوبة للعبور بالتشكيلة الوزارية وفي غضون أسبوع أو ما يزيد إلى بر الأمان وهذا يعني أنه لا مجال لابتزاز الرئيس المكلّف أو إقحامه في بازار التوزير وسيكون له الرد المناسب في حال أنه اكتشف بالملموس بأن هناك من يعيق ولادة الحكومة. وعزت السبب إلى أن هناك ضرورة لمعاودة المفاوضات مع صندوق النقد بعد أن أوصلتها حكومة دياب إلى حائط مسدود على أن يتم التفاهم على الورقة الإصلاحية التي ستُدرج في صلب البيان الوزاري، وقالت إن مجرد تجاوب الصندوق مع طلبات الحكومة يقود حتما إلى اكتشاف الموقف الأميركي على حقيقته والتدقيق فيه.

كما أن المصادر تدعو لمراقبة رد فعل الدول العربية، خصوصا تلك القادرة على مساعدة لبنان للتأكد من مدى استعدادها للتعامل إيجابا مع الحكومة بعد أن أحجمت عن التواصل مع حكومة دياب التي أمعنت في توتير العلاقات اللبنانية – العربية بدلا من أن تبادر إلى تصويبها على قاعدة التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس وانسحابه تدريجيا من محور الممانعة بقيادة إيران.