كتبت مريم سيف الدين في صحيفة “نداء الوطن”:
بينما لا يزال جرحى إنفجار مرفأ بيروت يخضعون للعلاج، ويحاولون استرجاع عافيتهم وإزالة ما أمكن من الندوب التي خلفها التفجير في أجسادهم، تخلّت الدولة ووزارتها عنهم. وعلى الرغم من إعلان وزير الصحة المستقيل حمد حسن، تكفّل الوزارة بمعالجة كل جرحى التفجير، غير أنّ ذلك لم يحصل. بل وعلى العكس، ترك هؤلاء ليعانوا من عبء التكفل بمصاريف العلاج التي لا تغطيها الوزارة ولا الجهات الضامنة. وكأن التفجير الذي تسببت به السلطة قد أتى ليفضح كلّ قبحها وإجرامها. وفي حين يؤكد المستشار الإعلامي للوزير رضا الموسوي، عدم تكفل الوزارة اليوم بعلاج الجرحى المنتسبين لجهات ضامنة، وباضطرارهم لدفع الفروقات، يكشف مصدر في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي لـ”نداء الوطن” أن المدير العام للصندوق أبلغ الموظفين بوجوب البحث عن صيغة تسمح للصندوق بتغطية تكاليف علاج المصابين، من ضمنها المصنفة في خانة التجميل.
وتروي إحدى الجريحات لـ”نداء الوطن” معاناتها جراء عدم تغطية كامل تكاليف العلاج من قبل تعاونية موظفي الدولة، الجهة الضامنة، وكذلك الوزارة التي تكفلت بالأمر إعلامياً. “بعد إصابتي نقلت إلى المستشفى حيث بقيت لأربعة أيام. عندما خرجت ودخلت مجدداً لإجراء عملية بسبب الإصابة، اختلف الموضوع. علمت بأن وزارة الصحة لن تغطي تكاليف علاجي لأنني مضمونة. بعدها تبين وجود أمور لا تعترف فيها التعاونية، وباعتبار أن الحالة استثنائية عادوا واعترفوا. لكن المشكلة في تكاليف المعدات الطبية اللازمة. فبعد مفاوضات مع التعاونية واتصالات اضطررت لدفع 4 ملايين و500 ألف ليرة نتيجة الفرق في سعر المعدات وفق سعر الدولار في السوق السوداء”، تقول الجريحة. ولم تنته المسألة عند هذا الحد، إذ اضطرت الجريحة لدفع مئات الآلاف ثمن أدوية لمعالجة الندوب وقطرات للأعين. وتتخوف الجريحة التي فقدت بعض أسنانها، من أن تواجه المشكلة ذاتها عند البدء بمعالجة الأمر، إذ لا تعلم إن كانت اللجنة الطبية في التعاونية ستوافق على تغطية التكاليف.
من جهته يؤكد الموسوي لـ”نداء الوطن” أن الجهات الضامنة تتكفل بعلاج المنتسبين إليها، نافياً علاقة الوزارة بالأمر، “بالتالي فإن المسألة لدى تعاونية موظفي الدولة والصندوق الوطني للضمان الإجتماعي وعليهم هم، أخلاقياً، إصدار قرار بتغطية كامل النفقات”. ويشرح المدير العام لتعاونية موظفي الدولة يحيى خميس لـ”نداء الوطن”، أنهم يعملون وفق نظام يسمح بتغطية 90% من تكاليف الاستشفاء. “وأي تغطية أكبر تعني تعديل النظام، وهو ما لا يمكننا القيام به حتى لو توفرت الرغبة، ويحتاج لمسار طويل يمر بمجلس الإدارة ويتطلب مصادقة مجلس الخدمة المدنية ومجلس شورى الدولة، في حين يحتاج الجرحى لعلاج سريع”. وينتقد خميس الوزارة التي أعلنت تكفلها بعلاج كل المصابين، “تفاجأنا بأن الحقيقة خلاف لذلك، يبدو أنه كان قراراً متفاعلاً مع الحدث والمفاجأة، وربما إعلامياً أكثر منه تقديراً لقدرات الوزارة وتفاصيل الموضوع. بعدها رفضت وزارة الصحة معالجة الجرحى المضمونين، فتولينا علاجهم وكانت الأمور طبيعية ولم تصلنا أي شكوى بطلب فروقات كبيرة”. لكن خميس يؤكد أن مسألة الفروقات مؤلمة جداً على المرضى الذين لم يحتملوها حتى قبل أزمة الدولار.
لكن يبدو أن الضمان الإجتماعي متّجه لتحقيق خطوة لم تعهدها المؤسسات اللبنانية، إذ يؤكد مصدر في الضمان أن المدير العام، محمد كركي، طلب أمس من الموظفين البحث عن صيغة، تسمح للصندوق بتقديم تسهيلات لكل الجرحى المضمونين، ولتغطية العلاجات المرتبطة بالإصابات، حتى لناحية فروقات سعر الصرف والعمليات التي تعدّ تجميلية. كذلك يؤكد المصدر أن كركي طلب إعداد الملفات وتجهيزها لرفعها إليه، على أن يدرس كل ملف. “على الرغم من كونها مخالفة للقانون فأمام كارثة من هذا النوع يمكن اللجوء لقرارات تستند الى قرار التعبئة العامة وإعلان الطوارئ”. من جهته يرى خميس أنه لا يمكن لتعاونية الموظفين التمثل بالضمان في هذا القرار. ويؤكد المصدر أنه ومنذ وقوع الإنفجار تكفل الضمان بعلاج كل من هم على عاتقه، “من غبائهم أعلنوا تغطية جميع الجرحى على حساب وزارة الصحة”.