Site icon IMLebanon

التسوية الكبرى بدأت وأوّل بوادرها انسحاب “الحزب” من سوريا

عندما توجّه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، اثتاء “الخلوة القصيرة” التي عقدها بعد إجتماع حين زار لبنان في 6 اب الماضي مع زعماء القوى السياسية الرئيسيين غداة إنفجار مرفأ بيروت، قائلاً “أريد العمل معكم لتغيير لبنان، لكن اثبتوا أنكم لبنانيون، فكلنا يعلم أن لكم أجندة إيرانية. عودوا إلى الوطن. اتركوا سوريا واليمن، ولتكن مهمتكم هنا لبناء الدولة، لأن الدولة الجديدة ستكون لصالح أبنائكم” وذلك وفقاً لما نشرته صحيفة Le Figaro الفرنسية، لم يكن كلامه يأتي من “تمنّ” وإنما ضمن سياق إتّفاق دولي لُزّم الفرنسي بتسويقه من لبنان، حيث النفوذ الأكبر العسكري والسياسي لـ”حزب الله”.

فهذا الكلام ولو أن النائب رعد سارع الى نفيه جملةً وتفصيلاً، تقرأ بين سطوره ملامح إتّفاق دولي لحلّ أزمات المنطقة بدءاً من اليمن مروراً بسوريا ووصولاً الى لبنان يبدو أن أول بنوده إنسحاب حزب الله من الميدان السوري والعودة الى لبنان بعد أن شارك عسكرياً بالحرب الى جانب النظام السوري.

وبدت لافتة في الاطار المعلومات المتداولة عن ان حزب الله بدأ خطة الإنسحاب التدريجي من سوريا منذ أسابيع، وتحديداً من الجبهة الجنوبية والشرقية الجنوبية، حيث سحب أكثر من 2500 مقاتل وخبراء وقادة عسكريين. في حين ان العدد المتبقّي من المقاتلين المُقدّر بـ2500 قد يعودون الى لبنان قبل نهاية العام ما دامت معظم المناطق السورية آمنة ومحررة، كما أن الحدود مع سوريا التي شهدت في السنوات الأخيرة عمليات تسلل لعناصر إرهابية باتت تحت قبضة الجيش اللبناني الذي يُقيم أبراج مراقبة على طول الحدود ومراكز ثابتة تابعة لفوج الحدود البرية”.

واعتبرت مصادر مطّلعة لـ”المركزية” “ان هذا الإنسحاب يعكس “مرونة” لدى حزب الله بدأت تُترجم أيضاً في الداخل اللبناني من خلال عملية تسهيل ولادة الحكومة. فهو يتعرّض لضغط دولي هائل دفعه الى تقديم تنازلات في ملفات عدة، بدأ أوّلها في الإنسحاب التدريجي من سوريا ثم تخفيف سقف مطالبه في الداخل اللبناني من خلال تسهيل ولادة حكومة مستقّلة عن الأحزاب السياسية تكون مهمتها الشروع بالإصلاحات المطلوبة”.

وفي الاطار، اعتبر العميد المتقاعد خالد حماده “ان هذا الانسحاب مؤشر لا يمكن فصله عن التغيير الكبير الذي يطال النفوذ الايراني في المنطقة والذي يبدأ من العراق مروراً بسوريا وحتى لبنان. فهناك مشهد واحد يتعمم بدءاً من العراق حيث يقوم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بترتيبات تتّجه نحو تجريد الميليشيات غير الشرعية من سلاحها والحدّ من النفوذ الايراني بالاضافة الى السيطرة على المعابر البرية، مروراً بسوريا، اذ يبدو من خلال التخفيف من عناصر حزب الله وانسحاب اعداد كبيرة من الميليشيات الايرانية”.

وقال “ليست المرّة الاولى التي يسحب فيها حزب الله عدداً من عناصره من سوريا، لكن ما يجري اليوم هو ناتح عن الضغوط الدولية-الاميركية على طهران، والتطبيع بين الامارات واسرائيل ليس بعيداً من هذه التحوّلات الكبيرة في المنطقة”.

ولفت الى “ان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي زار لبنان هو جزء من سلّة متكاملة يتم تطبيقها في المنطقة البند الاوّل فيها الحدّ من النفوذ الايراني وسحب الميليشيات التابعة لها”، مرجّحاً الا يبقى خلال الاشهر المقبلة اي ميليشيات ايرانية متدخلة في اي عملية سياسية لا في لبنان ولا في العراق ولا في سوريا”.

واعتبر حماده “ان هناك تسوية سياسية اتية تقوم على سحب الميليشيات الايرانية وتثبيت انظمة حكم بعد انتخابات تشريعية ستجري في لبنان وسوريا، وستقوم هذه الدول بعد الانتخابات بالوظائف الاستراتيجية وفق توزيعها على المنطقة. ففي مصر لجهة امن غزة، وفي العراق لجهة إقفال الحدود وضبط العلاقة الاقتصادية والامنية والسياسية مع طهران، كذلك تسوية سياسية في سوريا يبدو ان النظام غير شريك فيها، والحكومة التي ستشكّل في لبنان والتي هي اقرب الى مجلس إدارة يُنفّذ خارطة طريق فرنسية بموافقة اميركية”.

واشار الى “عدد من التقييدات والإنذارات التي اُعطيت للحكومة اللبنانية والتي تؤكد ان المسعى الفرنسي هو جزء من المسعى الاميركي”.